للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن أذن المؤذنون معاً في مواضع متفرقة، وتشاحُّوا في الإقامة، أُقرع بينهم. ولو سبق إلى الإقامة سابق، وقد أذن مؤذن قبله، ففي الاعتداد بالإقامة كلام، وقد ذكرته قبلُ عند ذكر بناء مؤذن في بعض الأذان على من صدر منه صَدْرُ الأذان (١).

٧٠٧ - وممَّا يتعلق بما نحن فيه أن وقت الأذان مفوّض إلى نظر المؤذن العالم العدل، ووقت الإقامة مفوّض إلى إمام المسجد؛ فإنَّ إقامة الصَّلاة إليه، فليراجَع في الإقامة، فإن سَبق إلى الإقامة من يقيم وتعدّى هذا الأدب، كان مُسيئاً، وفي الاعتداد بما جاء به تردّد للأصحاب، ولم يصرِّحوا به، ولكنه بيّن في كلامهم.

وإذا كان في المسجد مؤذن راتب، فتقدم عليه متقدم، وأذن، ثم أذن المؤذن الراتب فيه، ففي ولاية الإقامة ومن يكون أولى بها تردد ظاهر، وهو لعمري محتمل، فيجوز أن ينظر إلى تقدم الأذان؛ من جهة أنه يعتد به ويجوز الاكتفاء به، ويجوز أن يقال: إذا لم يقصِّر المؤذن الراتب، فمن سبقه في حكم المسيء، فلا يستحق بإساءته الإقامةَ، والقصة التي ذكرناها لبلال والصُّدائي كانت في غيبة بلال، وكان الصُّدائي أذَّن بإذْنِ رسول الله.

قال: "ولا يرزقُ الإمام مؤذناً وهو يجد متطوعاً (٢) ... إلى آخره".

٧٠٨ - الإستئجار على الأذان وتفصيل القول فيما يجوز الاستئجار عليه من هذه الأصناف نذكره في أول كتاب الصّداق، إن شاء الله تعالى، والقدر الكافي هاهنا أن الإمام وكُلَّ من يلي بإذن الإمام هذا الأمر يستأجر على الأذان، وهل لآحاد الناس أن يستأجروا مؤذناً؟ فيه خلاف، والمذهب الصّحيح أنه يجوز. ثم الإمام لا يبذل مالَ بيت المال هزلاً، فإن كان يجد من يتطوع بالأذان، لم يستأجر من مال المسلمين، فإن لم يجد متطوعاً، فيستأجر حينئذ. ثم ظاهر النص أنه لا يستأجر أكثر من مؤذن


= الحافظ (ر. أحمد: ٤/ ١٦٩، أبو داود: كتاب الصلاة، باب في الرجل يؤذن ويقيم آخر، ح ٥١٤، والترمذي: كتاب الصلاة، باب من أذن فهو يقيم، ح ١٩٩، وابن ماجة: كتاب الأذان، باب السنة في الأذان ح ٧١٧، والتلخيص: ١/ ٢٠٩، ح ٣٠٨).
(١) الفقرة: ٦٩١، ٦٩٢.
(٢) ر. المختصر: ١/ ٦٢، ٦٣.