للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن أصحابنا من قال: لا يمنع التوقيح؛ فإنه متصل بضرورة العلف. وهذا ضعيف غير معتد به، لأنه خارج عن التطعم والعلف، والأخبار فيها. وهو أيضاً نادر، وقد ألحقنا ما يطعم نادراً بالثياب، فما الظن بما لا يستعمل طعاماً. وهذا في التحقيق استعمال طعام في غير مطعم، ولأجل ذلك اختلف الأصحاب.

وقال الأئمة: لو ذبح الغانمون أغناماً ردّوا جلودها على المغانم، فإن أكلوا جلودها على لحومها سمطاً، فلا بأس، ثم ما يأكلونه، وينبسطون فيه غير محسوب على أحد، وكأن الشارع أضافهم (١) عليه.

وقال المحققون: لو أتلف واحدٌ من الغانمين شيئاً من طعام المغنم، ضمنه، وكان ما يبذله (٢) مردوداً على المغنم؛ فإنه أتلف يوماً، ولم يستعمله في الجهة التي سوّغ الشرع استعماله فيها، وكان إتلافه بمثابة إتلاف الثياب وغيرها.

ولو أخذ بعضُ الغانمين ما يزيد على حاجته من الطعام، وأضاف عليه جمعاً من الغانمين، جاز؛ فإنه تولى تعبَ الإصلاح والطبخ، ورجع الطعامُ إلى الغانمين. ولو أراد أن يُطعم أجنبياً ليس من الغانمين، لم يكن له ذلك. وعلى الأجنبي الضمان، والمقدِّم إليه من الغانمين في حكم الغاصب يقدّم الطعام المغصوب إلى إنسان، ثم التفاصيل لا تخفى في علم الضيف وجهله.

١١٣٢٧ - ولو أخذ بعض الغانمين شيئاً من الطعام، وأقرضه صاحباً له، فالأصح أن هذا الإقراض ليس بشيء؛ فإن الغانم لا يملك ما يأخذه وإنما له حق الانتفاع، والغانمون في أطعمة المغنم كالضيفان فيما قدّم إليهم، فليأكلوا، ويتمتعوا، فأما الإقراض والبيع، فلا مجيز له.

وذكر الصيدلاني وغيره من المعتبرين أن الإقراض يتعلق به حكم، فإن الآخذ مقدارَ الحاجة يصير أوْلى [به] (٣)، ويثبت له حق اليد فيه، وفائدة هذا الوجه أنه يطالبه بما


(١) أضافهم عليه: أي جعلهم ضيوفاً واستضافهم.
(٢) ما يبذله: أي ما يغرمه ضماناً لما أتلفه من طعام.
(٣) زيادة لاستقامة العبارة.