للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العود والفئةُ بعيدة -[إن] (١) كان- لا تعلّق له بهذا القتال- فلا يجرى الوجهان إذاً إلا إذا حملنا التحيز على الاستنجاد بفئة قريبة. فاذا فارق، ولم يتصل بالفئة، فأظفر الله المسلمين، وانفصل القتال، فإشراكه في المغنم محتمل؛ لأنه من وجه ليس بمحارب وليس كالمتحرّف المداور المخادع، ومن وجهٍ هو مستنجد، ثم [يتضمن حكم] (٢) هذا الجند في هذا المقام ما ذكرناه، من تحريم الفرار مع استئثار التحرف إذا لم يزد الكفار على الضعف، ولم يغلب على الظن غلبتُهم، كما تقدم تفصيله.

فأما إذا جوزنا الهزيمة، فالمصابرة أولى أم الهزيمة؟ نُظر: فإن لم يغلب على الظن أن المسلمين يُغلبون، فالمصابرة أولى، وإن جازت الهزيمة. وإن غلب على الظن أنهم يُغلبون، فالأولى الهزيمة، وترك التغرير بالأرواح، وهل يجوز الثبوت؟ نظر: فإن كان في الثبوت الهلاك المحض، من غير نكاية في الكفار، فلا يجوز. وإن لم يبعد النصرة والظفر، ولو قُتل المسلمون، فهو بعدُ نكاية ظاهرة في الكفار، ففي وجوب المصابرة وجهان. ذكرهما العراقيون، وهذا منتهى القول في ذلك.

فصل

قال: " ونصب رسول الله صلى الله عليه وسلم على أهل الطائف المنجنيق ... إلخ " (٣).

١١٣٤١ - هذا الفصل يستدعي تقديم القول في نساء الكفار، وصبيانهم، وإنه هل يحرم قتلهم، فنقول: قتل نساء الكفار وذراريهم من غير أن يصدر منهم قتال، ومن غير غرض ظاهرٍ في القتال محرّمٌ، وقد روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في بعض الغزوات: " الحقوا خالداً، وقولوا له: لا تقتل ذرية، ولا عسيفاً، ولا امرأة، ورأى رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأةً مقتولة؛ فتغير لونه، وقال لمن بالحضرة:


(١) في الأصل: " وإن ".
(٢) مكان كلمتين استحالت قراءتهما.
(٣) ر. مختصر المزني: ٥/ ١٨٥.