للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أتراها كانت تقاتل؟ " (١) فأبان أنها كانت تقتل إذا كانت تقاتل، وعند ذلك قال: " الحقوا خالداً ... " الحديث.

ثم تحريم قتل الكافرة والصبي الكافر ليس لحرمتهما؛ إذ لو كان ذلك كذلك، لوجبت الكفارة على قاتلهما؛ فإن حرمات النفوس تمتحن بوجوب الكفارة، فتحريم قتل النساء والذريّة، يتعلق بالاستصواب الراجع إلى طريق الإيالة؛ من جهة أن سبيهنّ وإرقاقَهن أجدى على المسلمين من قتلهن، والاشتغالُ بقتال الرجال أولى من الاشتغال بقتال النساء والصبيان.

وإن كان في [قتل] (٢) النساء والصبيان من الكفار غرض ظاهرٌ في مقاصد القتال، نُظر: فإن لم يُقصدوا بأعيانهم، ولكن قُصدت القلعة بأسباب تعم آثارُها كالمنجنيق، وإرسال المياه، والرمي بالنيران، وما في معانيها، وكان لا يتأتى الفتح إلا كذلك، أو كان لا يتيسر إلا كذلك، والفتح بغير هذه الجهة يعسر ويطول، فيجوز التعلّق بهذه الأسباب. روي: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نصب المنجنيق على أهل الطائف " (٣)، " وشن الغارة على بني المصطلق، وفيهم النسوان والصبيان " (٤) فخرج


(١) حديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى امرأة مقتولة فتغير لونه وقال: " أتراها كانت تقاتل " وأنه قال: " الحقوا خالداً وقولوا له: لا تقتل ذرية ... " رواه أبو داود، والنسائي، وابن ماجه، وأحمد، وابن حبان، والحاكم وصححه على شرط الشيخين ووافقه، والبيهقي، من حديث رباح بن الربيع (ر. أبو داود: الجهاد، باب في قتل النساء، ح ٢٦٦٩، النسائي في الكبرى: السير، باب قتل العسيف، ح ٨٥٧١ - ٨٥٧٣، ابن ماجه: الجهاد، باب الغارة والبيات وقتل النساء والصبيان، ح ٢٨٤٢، أحمد: ٣/ ٤٨٨، ابن حبان: ٤٧٦٩، الحاكم: ٢/ ١٢٢، البيهقي: ٩/ ٩١، التلخيص: ٤/ ١٩٢ ح ٢٢١٥).
(٢) في الأصل: " قتال ".
(٣) حديث " نصب المنجنيق على أهل الطائف " رواه أبو داود في المراسيل عن مكحول. ورواه الترمذي فلم يذكر مكحولاً وذكره معضلاً عن أبي ثور. قال الحافظ: ووصله العقيلي من وجه آخر عن علي. (ر. المراسيل لأبي داود ص ٢٤٨ ح ٣٣٥، الترمذي: الأدب، باب ما جاء في الأخذ من اللحية، تحت الحديث رقم ٢٧٦٢. التلخيص: ٤/ ١٩٦، ١٩٧ ح ٢٢٢٣، ٢٢٢٦).
(٤) حديث شن الغارة على بني المصطلق متفق عليه من حديث ابنِ عمر رضي الله عنه (البخاري: العتق، باب من ملك من العرب رقيقاً فوهب وباع وجامع وفَدى وسَبى الذرية، ح ٢٥٤١.=