للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من ذلك، أنه إذا ظهر الغرضُ، وانضم إليه أن النسوان غير مقصودين بأعيانهم، فلا مبالاة بهم، وقد قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: " أنبيّت بلد العدوّ وفيه النساء والصبيان "، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " هم منهم " (١).

١١٣٤٢ - أما إذا تعلّق غرضٌ بقتال النساء، وكانوا مقصودين، فالمقصود يتفصل بصورٍ نعدّها. ثم نذكر بعدها روابط: فإن تترسوا بصبيانهم، ونسوانهم، وهم مقيمون على مقاتلتنا، وربما يزحفون إلينا؛ فنقصدهم ولا نبالي بإصابة الأسلحة النساءَ والصبيان.

وإن كانوا يدفعون عن أنفسهم، ولا يقاتلوننا، واتخذوا النساء والصبيان تِرَسَةً وجَنَناً (٢)، وكان لا يمكن قصد الرجال إلا بإصابة التِّرسَة، فقد ذكر الأصحاب قولين، واختلفوا في صيغتهما: فقال القاضي وطائفة: في جواز قتل النساء والصبيان قولان: [أحدهما - يجوز قصدهم، كما يجوز نصب المنجنيق، والثاني - المنع] (٣) فإن المترّسين بهم ليسوا مقاتلين.


=مسلم: الجهاد والسير، باب جواز الإغارة على الكفار الذين بلغتهم دعوة الإسلام، ح ٣٠١٢).
(١) حديث " أنبيّت بلد العدو وفيه النساء " متفق عليه من حديث الصَّعْب بن جَثَّامَة (البخاري: الجهاد والسير، باب أهل الدار يبيتون فيصاب الولدان والذراري، ح ١٧٣٠، مسلم: الجهاد والسير، باب جواز قتل النساء والصبيان في البيات من غير تعمد، ح ١٧٤٥).
(٢) التِّرسة جمع ترس، والجنن: الساتر. (معجم).
(٣) ما بين المعقفين زيادة من المحقق، على ضوء المعنى والسياق، واستئناساً بما قاله الرافعي في الشرح الكبير، وتمام عبارته: " لو تترسوا بالنساء والصبيان، نظر: ... وإن لم تكن ضرورة إلى الرمي والضرب، بأن كانوا يدفعون عن أنفسهم، واحتمل الحال تركهم. فطريقان: أظهرهما أن فيه قولين: أحدهما - أنه يجوز قصدهم، كما يجوز نصب المنجنيق على القلعة، وإن كان يصيبهم، وأيضاً لو امتنعوا بما صنعوا، لا تخذوا ذلك ذريعهَ إلى تعطيل الجهاد.
والثاني - المنع؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن قتل النساء والصبيان، ونحن في غنية عنه والحالة هذه، وهذا أصح عند القفال، وكذلك حكاه الروياني -رحمه الله- ويميل إلى ترجيح الأول.
والطريق الثاني - القطع بالجواز، وردّ المنع إلى الكراهة، ويحنر هذا عن أبي إسحاق، وقد تورع في حكاية الكراهة عنه، وذكر أن عنده يستحب التوقي عنه لا غير، ومن أصحاب هذه الطريقة من قال: في الكراهية قولان " (ر. الشرح الكبير: ١١/ ٣٩٧، ٣٩٨).