للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

استحقاق المجعول له بالجعل أصلاً، ما لم يتم العمل، وليس كالأجرة في الإجارة (١)؛ فإن الإجارة معاوضة محضة، مبناها على اللزوم، وهو صنف من البياعات، ومبنى الجعالة على أن يتوقف استحقاق الجعل على إتمام العمل، ثم يجعل الاستحقاق بعقد العمل على أثره، ولا يستند إلى ما تقدم تبيّناً (٢).

١١٣٦٦ - ثم إذا [تمَّ] (٣) العمل لم يخلُ: إما إن كانت العين قائمة أو تالفة، فإن كانت تالفة، فلا يخلو: إما أن تتلف قبل الردّ، أو بعده، فإن تلفت قبل الردّ، فلا يخلو: إما أن يردّه عالماً بتلف المسمى، أو جاهلاً به؛ فإن علم بتلف العين، وأنشأ العمل بعد التلف والعلمِ، فلا شيء له؛ لأن المعاملة معقودة على استحقاق تلك العين، فإذا تلفت، وأنشأ العمل، فلا متعلق لعمله، وهو في حكم المتبرع.

وإن جهل العامل التلف، وعمل، فله أجرُ المثل؛ لأنه لم يتبرع بالعمل، هذا إذا تلف قبل العمل.

وإن تلف المسمى بعد الرد، فلا يخلو: إما أن يتلف بعد المطالبة، أو قبلها، فإن تلف قبل المطالبة بها، ففيما يرجع العامل إليه قولان، كالقولين في الصداق المعين، إذا تلف قبل القبض، وفيه قولان، عنهما يتشعب معظم مسائل الصداق. أحدهما - أنه مضمون بالعقد، فيجب عند فرض التلف مهرُ المثل، فعلى هذا في مسألتنا يُضمن الجعل بالعقد، فإذا تلف، فالرجوع إلى أجر المثل، وهذا يناظر مهرُ المثل، والقول الثاني - أن الصداق مضمون باليد، فتجب القيمة أو المثل إن كان مثلياً، وكذلك يخرج هذا القول في الجعل إذا تلف، والغرض تنزيله منزلة الصداق في جهة الضمان.

فإن قيل: ما وجه التشابه؟ قلنا: وجهه أن المنفعة في الجِعالة فائتة بعد تسليم العمل على وجهٍ يستحيل تداركها، كما أن البضع بعد العقد في حكم الفائت، فاقتضى ذلك جريان القولين في الأصلين، ولا يبعد عندنا القطع بأن الجعل مضمون ضمان


(١) أي يستحق الأجير بكل جزء من العمل جزءاً من الأجرة بخلاف الجعالة.
(٢) تبيُّناً: التبين مصطلح أصولي سبق شرحه.
(٣) في الأصل: " سلّم ".