العقد؛ من جهة أنه رُكن الجعالة، وليس الصداق رُكنَ النكاح، وهذا يوجب القطع هاهنا بضمان العقد. والعلم عند الله تعالى.
ولو تمم العامل العملَ، وطالب بالجعل، وهو قائم، فلم يسلّمه الجاعل، فقد تعدى، فلو تلف في يده، فإن قلنا: إنه مضمون باليد، فالجواب كما تقدم، وإن قلنا: إنه مضمون بالعقد، فقد قال القاضي: تلفه بعد الامتناع بمثابة إتلاف الجاعل الجعلَ بنفسه. ثم هذا بمثابة ما لو أتلف البائع المبيع، وفي المسألة قولان: أحدهما - أن حكمه حكمُ ما لو تلف بآفة سماوية، فينفسخ العقد، ويرجع العامل إلى أجر المثل، والثاني - حكمه حكمُ ما أتلفه الأجنبي، فعلى هذا هو بالخيار بين الفسخ والإجازة، ولا يخفى عاقبة الإجازة والفسخ.
والذي يجب فيه فضل تدبّر أن موجب ما ذكرناه، وهو بعينه كلام القاضي أن الحبس على عدوانٍ مع تصوّر التلف بالآفة السماوية ننزله منزلة الإتلاف، ويلزم على هذا المساق أن يقال: إذا توفر الثمن على البائع، وتوجهت الطِّلبَة بتسليم المبيع فأبى معتدياً، [وتلف](١) المبيع، يكون هذا بمثابة ما لو أتلف البائع المبيع. وهذا فيه احتمال وفضل نظر، من جهة أن الإتلاف إذا لم يوجد، فاليد القائمة يد عقد، ولهذا لا يتصرف المشتري في المبيع الكائن في يد البائع، في الصورة التي ذكرناها. وإن وفّى الثمن واستحق الانتزاع، فإذا كانت اليد قائمة على هذا الوجه، فتغليب ضمان العقد أولى، حتى يقال: التلف بالآفة السماوية يوجب انفساخ العقد، ومقتضى هذا ألا يُخرَّج القولان في إتلاف البائع المبيع.
فهذه مقدمات ذكرناها في أحكام الجعالة.
١١٣٦٧ - والآن نعود بعدها إلى مسألة العِلج، فنقول: كافرٌ في دار الحرب، قال: أدلكم على قلعة فيها أموال وغنائم، فإذا فتحتموها، فأعطوني الجارية الفلانية، ووصفها وسماها. فقد قال الأصحاب بأجمعهم: هذه الجِعالة جائزة، وإن كانت على جُعل غيرِ مملوك، ولا مقدورٍ على تسليمه، ولا شك أن مثل هذه