الجِعالة لا تصح بين المسلمين فيما لا يتعلّق بالكفار، وسبب تصحيح هذه المعاملة فيما يتعلّق بالكفار أن الإمام قد لا يتهدَّى في دار الحرب إلى القلاع، وربما لا يتهدّى المسلمون إليها في الغالب، فتمس الحاجة إلى دلالة كافر، فإذا لم يرض الكافر إلا بما سمَّى، فالحاجة تقتضي تصحيحَ المعاملة، إذا قيل: الجهالة تحتمل في الجعالة لمسيس الحاجة، فإذا اضطررنا إلى إثبات فعلٍ يخالف القياس الدائر بيننا، اتبعنا الحاجة.
ولو كان الدال على القلعة مسلماً وشرط مثلَ الشرط الذي حكيناه صادراً عن العلج، فالمذهب الأصح بطلانُ هذه المعاملة معه، إلا على شرط المعاملة بين المسلمين.
وفي بعض التصانيف أن هذه المعاملة تصح معه كما تصح مع العلج؛ فإن مبنى جوازها على مسيس الحاجة إليها، ولا يفرق في ذلك بين المسلم والكافر.
وهذا كلام مبهم عندنا، والوجه أن نقول: حكينا تردد الرأي في أن الوالي لو استأجر مسلماً على الغزو هل يصح؟ فإن منعنا الاستئجار، فلا معنى لهذه المعاملة مع المسلم، فإن ما يأتي به يقع جهاداً منه، فلا يستحق عليه أجراً. ثم كما لا يستحق الجارية المسماة في القلعة، لا يستحق أجر المثل.
وإن قلنا: يصح من الوالي استئجار واحد من المسلمين على الغزو، فهل تصح هذه المعاملة معه، كما تصح مع الكافر؟ فعلى وجهين قدمنا ترجيحهما.
١١٣٦٨ - ثم إذا حضر الإمام بابَ الحصن، وحاصرها (١)، فلم يتفق الفتح، نظر: فإن قال العلج الدال: إن فتحتموها، فلي الجارية، فلا يستحق إذا لم يتفق الفتح شيئاً؛ فإنه علّق استحقاقه بالفتح، فإن اشترط الجارية، ولم يقيد المعاملة بالفتح، ففي المسألة وجهان: أصحهما - أنه لا يستحق شيئاً؛ فإن رضاه بالجارية بمثابة التصريح بذكر الفتح؛ إذ لا يتعلق التوقع بتسليم الجارية إلا من جهة الفتح، فصار كما لو قيد بالفتح.