ويمكن أن يقال: إذا أسلمت قبل الفتح، فهذا بمثابة الموت، لأنا لا نملكها إذا فتحنا القلعة، ولم نقدّر استحقاقها بالشرط، فكان ذلك بمثابة ما لو صادفناها ميتة، وإن أسلمت بعد الفتح؛ فإنها تبقى مملوكة، فيتجه هاهنا القطع بالغُرم للعلج، ولا يتجه غيره؛ فإن المنع يعود إلى مراعاة حكم الشرع والملكُ عليها ثابت، فإنها رقَّت لما وقع الفتح، ثم أسلمت من بعدُ.
١١٣٧٢ - ولو فتحنا القلعة، فلم نجد غير تلك الجارية، ففي المسألة وجهان: أحدهما - أنا نسلّم الجارية إلى العلج وفاء بالشرط، إذ لا مانع من التسليم. والثاني - لا نسلّم؛ فإن هذا في التحقيق فتحٌ للعلج، ولا أَرَبَ لنا فيه، وهذا التردد الذي ذكرناه فيه إذا لم نؤثر تملك القلعة أو لم نتمكن منها، لأنها محفوفة بالكفر، ويعسر تخليف جمع يقومون بحفظها عن الكفار. فأما إذا ملكنا القلعة، وأدمنا اليد عليها، فيجب القطع بتسليم الجارية.
١١٣٧٣ - ولو حاولنا الفتح، فلم نستمكن، واستفزّنا أمرٌ، ورأينا أن مثل ذلك يُبطل حق العلج، فلو اتفق لنا عودٌ إلى القلعة في كَرّةٍ أخرى، فاتفق الفتح فيها واستمكنا من الجارية، فهل نوجب تسليمها إلى العلج؟ ذكر الأصحاب وجهين، ووجه التردد والاحتمال لائح.
ولكن لا بدّ من التفصيل، فإن عدنا واستمكنا في العودة بالأعلام (١) التي أقامها العلج، ولولا تقدم دلالته، لما عدنا، فيظهر هاهنا تسليم الجارية إليه، والمصير إلى أنه لا حكم لما تخلل من المحاولة، وترك المقاتلة. وإن اتفق ونحن نؤمّ بقعة أخرى وقوعنا على القلعة، من غير استمساك بأعلام استفدناها من دلالة العلج، فهاهنا يظهر الاحتمال في أنا هل نسلم الجارية إذا تمكنا منها والشرط مطلق، والأصح أنا لا نسلّمها؛ فإن المعاملة الجارية بيننا، وإن كانت مطلقة، فهي من طريق العُرف وفهم الخطاب متقيّدة باتصال الفتح بالدلالة، وهذا الظهور جرى منقطعاً.
وبالجملة ليس تخلو حالة من الأحوال التي فصلناها عن احتمال، ولا يعجِز الفطن
(١) بالأعلام: أي بالعلامات التي دلنا عليها العلج، والمعلومات التي قدمها لنا.