للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

١١٣٧٠ - وقد يتطرق إلى ما ذكرناه مزيد بحث، وهو أن يقال: إذا فتحنا القلعة، واستمكنا من تسليمها، فلم نسلّمها حتى ماتت تحت قبضتنا، فيظهر وجوب الغرم هاهنا.

ولو فتحناها، وماتت قبل تمكننا من تسليمها، فهذا فيه تردّد، من جهة أنها ماتت من وجهٍ بعد الفتح، وماتت من وجهٍ آخر قبل التمكن، وغايتنا أن نبذل كنه المجهود فيها، هذا لابد منه مع ما قدّمناه، ثم يعود فيه ما ذكرناه مقدمة في أحكام الجعالات، من تلف العين المجعولة جعلاً قبل الطلب وبعده، وقد ذكرنا في تلف العين قبل الطلب، وبعد العمل قولين في أن المضمون القيمة أو أجر مثل العامل، وهذا الخلاف يجري هاهنا إذا أثبتنا الضمان، وإن فرضنا الطلب والاستمكان، فهذا يناظر ما إذا كانت العين قائمة، وجرى التقصير في تسليمها، مع توجه الطلب بها، فلا بأس من التنبه لما ذكرناه.

١١٣٧١ - ومما يتصل بتقاسيم المسألة أنا إذا وجدناها، ولكنها كانت مُسْلِمة، فالذي ذهب إليه المحققون أنا نغرم قيمتها للدالّ سواء أسلمت قبل الظفر أو بعده، بخلاف الموت، فإنا فصلنا المذهب فيه كما تقدّم، والفرق أنها إذا أسلمت، فالإمام هو الذي يحول بين العِلج وبينها، بحكم الإسلام، وإلا فالتسليم بحكم المشاهدة (١) ممكن فيها، فيغرم قيمتَها بالحيلولة، وإذا ماتت، فليس صاحب الأمر هو الحائل بينهما، وإنما وقعت الحيلولة [بأمرٍ خارج] (٢).

وفي بعض التصانيف: في إسلامها وجهان: أحدهما - ما ذكرناه. والثاني - أنا ننزل إسلامها منزلة الموت، ثم في الموت التفصيل المقدّم، وهذا ضعيف، ووجهه على بعده، أن الإسلام صيرها كالمعدومة، وشرط الجارية للعلج وإن كان مطلقاً، فمعناه التقييد ببقائها على الكفر، فإنا إنما نتمكن لو بقيت كافرة، فإذا أسلمت فلا تَمَكُّن.


(١) بحكم المشاهدة: أي حسّاً، كما عبر بذلك الغزالي في البسيط.
(٢) زيادة من المحقق لإيضاح المعنى.