للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صلحٌ يجب الوفاء به، ومعاملة سبقت مع العلج يتعين تحقيق المقصود منها، فالوجه أن نقول لصاحب القلعة: قد شرطنا لفلان هذه الجارية؛ فإن رَضِيتَ تسليمَها إليه، غَرِمنا لك قيمتها، فإن رضي، فذاك، وإن لم يرض، قلنا للدالّ: قد صالحناه على أن نؤمّن أهله، والجارية المشروطة من أهله، فإن رضيتَ [بقيمتها] (١)، بذلناها لك، فإن رضي، فذاك، وإن لم يرض، قلنا لصاحب الجارية: إما أن تسلم الجارية، أو تعودَ حرباً، فنردّك إلى القلعة، فاستوثق منها، وأغلق بابها، وارجع إلى ما كنت عليه، ثم نعود إلى القتال، فإن اتفق الفتح، سلمنا الجارية، وإن لم يتفق الفتح، فالكلام على ما مضى.

١١٣٧٦ - ثم استنبط الفقهاء من هذه المسألة فوائدَ: إحداها - تصحيح جعالة جعل مجهولٍ غير مقدور على تسليمه. والثانية - أن الأمان مع الجهل بتفصيل العدد، في الذين يؤمنون جائز؛ لأن أهلَ صاحب الحصن مجهول العدد.

١١٣٧٧ - قال الأصحاب: ويجوز الأمان مضافاً إلى عدد معلومٍ مع الجهل بالأعيان، وذلك أن يؤمِّن من أهل القلعة خمسين أو مائة فيكون التعيين إلى شخصٍ، وروي: " أن عمر صالح أهل قلعةٍ على أن مائة من أهل القلعة في أمان، وكان عمر يحب أن يظفر بصاحب القلعة من غير أمان، فأخذ صاحبُ القلعة يختار المائة من أهل القلعة، ويعدّهم، ويعينهم، وعمرُ يدعو ويقول: اللهم أنسِه نفسَه، فعدّ مائة، ونسي نفسه، فعرض عليه الإسلامَ، فلم يسلم، فحز رقبته " (٢).

١١٣٧٨ - ومما يُتلقى من أطراف هذه المسألة: أن الصلح إذا عارضه عذرٌ يعسر الوفاء به معه، فيجوز للإمام ردّه ونبذه، كما ذكرناه في مصالحة صاحب القلعة، على أن يؤمّن أهله، ثم كانت المشروطة من أهله.


(١) في الأصل: " بقيمته ".
(٢) خبر " أن عمر صالح أهل قلعة على أن مائة من أهل القلعة في أمان ... ثم حزّ رقبة صاحب القلعة " لم نجد هذا عن عمر، وإنما هو مروي عن أبي موسى الأشعري حين حاصر مدينة السوس، والخبر رواه البلاذري في فتوح البلدان ٢/ ٤٦٦ ح ٩٤١. (ر. التلخيص: ٤/ ٢٢٣ ٢٢٩٨).