للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

قال: " وإن غزت طائفة بغير أمر الإمام ... إلى آخره " (١).

١١٣٧٩ - الذي يقتضيه الإذن ألا ينتهض جمعٌ من المسلمين للجهاد إلا صادرين عن رأي الإمام أو نائبه، فلو لم يراجَعوا، فدخلوا دار الحرب، فغنموا أموالاً، فهي مخموسةٌ، سواء كانت الطائفة ذاتُ نجدة وعُدّة، أو كانت طائفة يسيرة، وإن دخل رجل أو رجال دار الحرب مختفين، وسرقوا من أموال الكفار وأحرزوه، فالمذهب المشهور أنهم ينفردون بما سرقوه، ولا يخمّس ما ثبتت أيديهم عليه.

وقاعدة المذهب في ذلك تستدعي ثلاثةَ أشياء: أحدها - في أصل المغنم، والثاني - في المسروق على ما صورناه، والثالث - في المال المظفور به المحظور لكونه فيئاً.

أما المغنم، فهو ما يحصل في أيدي المقاتلة، بالمكاوحة، فاليد فيها ثابتة، ولكن الأملاك غير مقصودة؛ إذ الجهاد وملاقاة أعداء الدين، مع التغرير بالمهج لا يجوز لأجل المال، فلا يجوز إلا لإعلاء كلمة الله، والذب عن دين الله تعالى، ثم المغانم إن حصلت، فهي في حكم التبع، [ولذلك] (٢) تسقط حقوق الغانمين بالإعراض؛ فإنهما لم تُقصد بالاستيلاء بالأيدي، وكل ما يملك بالاستيلاء، فللقصد فيه تأثير، وسنوضح هذا في فصلٍ معقودٍ في أملاك الغانمين، إن شاء الله تعالى. ثم ما يكون مغنوماً، فهو مخموس لا محالة.

وأما المسروق، فمقصودٌ بالتملك في عينه، فيثبت فيه ملك السرّاق، والأصح أنه غير مخموس، وسبيل الأخذ على هذا الوجه من أموال الكفار كسبيل الاصطياد، وما في معناه من الجهات التي يُقصد الملك فيها باليد.

ومن أصحابنا من قال: المأخوذ على جهة السرقة مخموس كالغنيمة، وهذا ضعيف، لا أصل له. ولكن حكاه شيخي، وكان يقول: يتميز المسروق عن المغنوم


(١) ر. المختصر: ٥/ ١٨٧.
(٢) في الأصل: " وكذلك ".