للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٧١٢ - وأما النوافل على الرواحل، فنستقصي القول فيها هاهنا، وحاصل القول فيها تحويه فصولٌ: أحدها - في طويل السفر وقصيره. والنافلة تقام على الراحلة، وماشياً في السفر الطويل.

والأصل فيه (١) ما رواه ابنُ عمرَ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي على راحلته أين توجهت به. وروي (٢) أنه عليه السلام كان يوتر على البعير. وروي (٣) أن عليّاً رضي الله عنه كان يوتر على الراحلة.

ثم ترك الشافعي مقصودَ الباب، وأخذ يردُّ على من يوجب الوتر (٤). ولا يكاد يخفى أنه لا واجب إلاّ الصلوات الخمس.

ولعل المعنى في تصحيح النوافل على الرواحل أن الناس لا بدّ لهم من الأسفار، والموفَّق ضنين بأوقاته لا يُزجيها هزلاً. ولولا تجويز النافلة على الراحلة، لانقطع الناس عن معاشهم إذا تركوا السفر (٥)، أو انقطعوا من النوافل إذا آثروا السفر.

قال الشيخ القفال: كان الشيخ أبو زيد كثيرَ الصلاة، يستوعب الأوقات بوظائف العبادات، وكانَ يَبين ذلك في كلامه؛ فكان يقول: "لولا إقامة النوافل على ظهور الدواب، لانقطع اَلناس عن السفر"، وكان غيره يقول: "لولاه (٦)، لانقطع الناس عن النوافل" فكان يميل كلام الشيخ أبي زيد إلى أن النوافل لابدّ منها. وكان يقدّر أنّ الناس يتركون الأسفار لأجلها.


= نرجح أنها من تصرف الناسخ، فقد لاحظنا أن مجيء جواب أما بدون فاء هو لازمة من اللازمات اللغوية في النسخ كلها.
(١) حديث ابن عمر متفق عليه. (ر. اللؤلؤ والمرجان ١/ ١٣٨ ح ٤٠٦).
(٢) هذا جزء من حديث ابن عمر السابق.
(٣) أثر علي رضي الله عنه رواه عبد الرزاق، والبيهقي، ورواه المزني عن الشافعي في المختصر (ر. مصنف عبد الرزاق: ح ٤٥٣٨، سنن البيهقي: ٢/ ٦، مختصر المزني: ١/ ٦٤).
(٤) ر. المختصر: ١/ ٦٤.
(٥) أي تركوا السفر من أجل النوافل، كما صرحت بذلك نسخة (ل).
(٦) أي لولا إقامة النوافل على الرواحل.