للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إليه مماته وفواتُه؛ فيضعف أثر الأمان في حكم المال، وقد أطلقنا هذين القولين الآن، وسنذكر -إن شاء الله تعالى- في أثناء الفصل وجهَ مأْخذ القولين، وتصرّفَ الأصحاب.

وقال قائلون: إذا خرج المعاهد إلى دار الحرب، ولم ينبذ عهده، ولكن أراد قضاء وطرٍ وعودةٍ بعدُ، فإنه إذا مات في دار الحرب، ففي أمواله التي عندنا قولان، كالقولين فيه إذا نبذ العهد، والتحق، فانتظم قولان، في الذين نبذوا، وطريقان في الذي خرج لشغل، ثم اتفق موته في دار الحرب.

١١٣٨٦ - ومما يجب الاهتمام به في مسائلِ هذا الفصل أن الحربي إذا أمّناه، وأوح عندنا أموالاً -كما ذكرناه- ثم خلّف الأموال، ونبذ العهد، والتحق بدار الحرب، وسُبي، فضرب الرق عليه، وعاد إلى أيدي المسلمين رقيقاً، فكيف حكم الأموال التي كان أودعها عندنا قبل الالتحاق وقبل الاسترقاق؟ فنذكر في هذه الصورة حكمَ ماله في حياته، وهو في نفسه مسترق، ثم نذكر حكم ماله إذا مات رقيقاً.

فأما تفصيل القول في أمواله حالة حياته، فنقول: إن لم نر لأمواله أماناً إذا التحق بدار الحرب، فلا إشكال في أن أمواله المخلَّفة فينا فيءٌ. وإن فرّعنا على أنه يبقى لأمواله حكمُ الأمان إذا التحق بدار الحرب، ويبقى في قضية الأمان في حياة ذلك الملتحق النابذ للعهد، فهذا ما دام على نعت المالكين، فإذا وقع في الأسر، ورفَقْناه، فالذي يجب تحصيله ونقله -على قولنا: إن أمان المال يبقى لو لم نسترقّه- قولان: أحدهما - أنا نقف ماله، وننتظر عاقبةَ أمره، فإن مات رقيقاً، وقعت المسألة في القسم الذي التزمنا بيانه، وهو أن يموت رقيقاً، وإن عَتَق، رُدّ المال إليه، وجعلنا طريان الاسترقاق مع اتفاق العتاق بمثابة تماديه في نقض العهد، فإذا زال، عاد الأمر إلى ردّ المال إليه، فهذا قولٌ، وحاصله وقفٌ. وله عاقبتان بينا إحداهما، وأجلنا الأخرى.

والقول الثاني - أنه إذا استُرق، فالأموال التي خلّفها فيءٌ؛ فإنه انضم إلى نبذ العهد خروجُه عن كونه مالكاً، فوهى الأمان في المال وانبتَّ، وإن كان يبقى لو بقي مالكاً، وهو قولٌ متجه منقاس.