للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال القاضي: يصرف مقدار القيمة من الأرش إلى السيد، ويصرف الفاضل إن فضل شيء إلى الورثة، وهذا غلطٌ صريح؛ فإنا إذا أوجبنا الأرش بالغاً ما بلغ، فلسنا نلتفت إلى القيمة، ولكن صاحب هذا القول يعتقد أن طريان نقض العهد يمنع اعتبار المآل؛ فإن الرق وإن أحدث ضماناً، فهو مترتب على الإباحة كما سبق تقديره، فإذا كان مقتضى هذا القول قطعَ النظر عما بعد الجناية، وحق مستحق الرق يتعلّق بالرق، فإنا إذا لم نعتبر القيمة، ولم نلتفت إليها، فيستحيل صرف شيء من الأرش إلى السيد، بل يتعين صرف الأرش بكماله إلى الورثة على موجب النص.

فالوجه أن نقول: إن حكمنا بإيجاب الأرش، فهو مصروف إلى الورثة على مقتضى النص، وإن قلنا: الواجب القيمة بالغة ما بلغت، فإن كانت قدرَ الأرش، أو أقلَّ منه، فهو مصروف إلى الورثة، وإن كانت أكثر من قدر الأرش، فمقدار الأرش مصروف إلى الورثة، والفاضل مصروف إلى السيد.

هذا هو التفريع القويم على الأقوال.

وعلينا بقايا في هذه المسألة.

١١٣٩٢ - ولكن حان أن نرجع من هذه المسألة إلى ما كنا فيه قبل الخوض في هذه من أحكام الأموال التي أودعها ثم استرِق: ظاهر النص أن تلك الأموال فَيْءٌ إذا مات المسترَق على رقه، وقبل أن يموت فيه قولان. هذا هو النص في الأموال.

ونصَّ في مسألة الجراحة أن الواجب على الجاني مصروفٌ إلى ورثة المسترَق أو بعض ما يجب، كما فصلنا في التفريع على الأقوال الثلاثة في مسألة الجناية، ولا فرق؛ فإن المجروح مات رقيقاً، والمسترَق الذي كانت له أموالاً مات رقيقاً، والتوارث من الرقيق بعيد، غير جارٍ على القولين في المواريث، وإن أسندنا الإرثَ إلى ما قبل جريان الرق، كان هذا توريثاً من حي، ويستوي فيما نبهنا عليه أرش الجراحة والمال.

فقال أصحابنا: في المسألتين قولان بالنقل والتخريج -إذا اتصل (١) -: أحد


(١) كذا. ولعل في ذكر عبارة الغزالي في البسيط مزيدَ توضيح، قال: " فإن قيل: كيف نصَّ=