للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القولين- أن الأموال والأرش على ما تقدم التفصيل فيءٌ، فإنها أموالاً متلقاة من كافر من غير قتال، وقد عسر تقدير الميراث؛ من جهة أن التوريث من الرقيق غير ممكن، والتوريث في حالة الحياة، لا سبيل إليه، وهذا عندي أقيس القولين.

والقول الثاني - أن الأموال مصروفة إلى الورثة، وكذلك الأرش على ما فصلنا التفريع على الأقوال الثلاثة، ووجهه أن الأموال كانت مبقّاة فينا (١) على حكم أمانٍ ونقضُ مالكها العهد لم يُبطل الأمانَ في المال؛ فإن هذه التفريعات بجملتها مجراة على أن حكم الأمان يبقى في الأموال، ثم لو مات الحربي عليها، فقد ذكرنا قولين في أنه هل يورث، وصححنا التوريث منه، فالاسترقاق ينبغي ألا يحُلَّ (٢) أمانَ المال، كما لم يحُلّ نبذُ العهد أمانَ المال، وإذا لم يحُل أمان المال، وتعيّن ألا يُصرفَ إلى جهة الفيء، ثم لا مسلك أخص به من مسلك التوريث، فاقتضى مجموعُ ذلك الصرفَ إلى الورثة.

فأما امتناع التوريث من الرقيق، فذاك من تفاصيل شرعنا، والكفار لا يتعبدون بتفاصيل الشرع إيقاعاً وابتداءً، ومن زعم أنهم مخاطبون عَنَى بذلك ربطَ المأثم بهم في ردّهم الشرع المشتمل على تفاصيل الأحكام، ثم يتعرضون لاستيجاب العقاب على كلّ محرّمٍ في الشرع اقتحموه، وكل واجب تركوه، فأما ربط ما يتعلق بهم بقواعد الشرع وشرائطها، فلا سبيل إلى التزامها، فقد جرى القولان في الأموال، والأروش الذي كنا نصرفه في مسألة الجناية إلى الورثة.


=الشافعي على الصرف إلى الوارث، وقد مات رقيقاً، ونص في وديعة المستأمنَ إذا مات رقيقاً أنه فيء لعسر التوريث من الرقيق؟ قلنا: من ذلك قال الأصحاب: في المسألتين قولان بالنقل والتخريج من غير فرق: أحدهما - أن المال في المسألتين مصروف إلى الفيء؛ فإن التوريث من الرقيق بعيد، وأبعد منه التوريث من الحي لو أسندنا الاستحقاق إلى ما قبل الموت.
والثاني - أنه للورثة، إذ جعلُه فيئاً نقضٌ لحكم الأمان، فلا بدّ من بقاء الأمان، ومنع التوريث من الرقيق حكمُ شرعِنا، فلا ننقض أمان الكفار بهذا العذر، وهم لا يؤاخذون بحكم شرعنا في الحال ". (ر. البسيط: ٥/ورقة: ١٧٢ يمين).
(١) فينا: أي في ديار الإسلام.
(٢) ألا يحُل أمان المال: أي ألا يبطل أمان المال.