١١٣٩٤ - وقد أجرينا في أصول هذه المسألة أموراً بديعة من أدناها: أنا قلنا: من جنى على عبدٍ ثم عَتَق، فالواجب الدية، ويصرف قسط منها، أو كلُّها إلى من كان مالكاً قبل الموت، وإن كان مستحق الرق [لا يستحق](١) من بدل الحرية شيئاً، والدية بدل الحر.
ثم إنا خصصنا ما ذكرناه من الخلافة بحال الموت، لأن الرقيق، وإن لم يكن مالكاً، فالملك له متوقع، ولا إرث ما لم ينقطع التوقع.
هذا بيان هذه المسألة.
فإن قيل: أين يقع التوريث من الرقيق من صرف شيء من الدية إلى من كان مالكاً في مسألة طريان العتق؟
قلنا: شرط استحقاق الورثة حريةُ من يُتلقى الاستحقاق منه، كما أن شرط استحقاق المالك رقُّ المجني عليه، وقد تقدم الرقُّ في مسألة طريان العتق، ولم نجد سبيلاً إلى إبطال حقّ مُستحِق الرق، وإن زال الرق بالعتق؛ لأن العتق لا ينعطف على ما فات بالجناية. وفي مسألتنا ما فات في زمن الحرية أو مُلك في زمن الحرية، فالرق لا ينعطف عليه. والحكم السابق لا سبيل إلى إبطاله بما يَلْحق، على ما قررناه.
فالتقت المسألتان في التحقيق. وإن تقدّمت الحرية في أحدهما، وتأخرت في الأخرى، فالمسألتان مفترقتان من الصورة مجتمعتان في الحقيقة.
ومما كان يذكر شيخُنا متصلاً بهذا الفصل أنه لو أعتق الذمي عبداً، وثبت له الولاء عليه، ثم نقض العهدَ، والتحق بدار الحرب، فوقع في السبي، فأرققناه. فإن مات رقيقاً، فلا حظ للسيد في ولاء مواليه ومعتَقيه إذا كان ذمّياً، كما لاحظ له في المال، وهو لما رَقَّ خرج عن أن يكون مستحِقاً للولاء، فحكم ولاء المعتقين كحكم الأموال.
وقد ذكرنا مصارف أمواله.
وهذا الكلام مفهوم في نفسه. ولكن ليس على الحد الذي أُحبه، فإن غاية البيان لا يتأتى في الوَلاء إلا بعد الإحاطة بأصله، وقد تركت وخلَّفت فيما تقدّم غوامضَ من أحكام الوَلاء، وأنا أرجو من الله تعالى أن آتي بقواعد الوَلاء في بابٍ من كتاب العتق