عنها. ووجه هذا: أن الاستيلاء على حكم تجريد القصد [للملك](١) لا يتحقق في المغانم، لما أوضحناه من أن الغرض من قتال الكفار إعلاءُ دين الله تعالى، والذب عن الملّة، والمغانمُ في حكم التابع؛ فإذا فُرضت القسمة فيها، تبينا حقيقةَ الاستيلاء، وإن فرض تلفٌ أو إعراض، تبيّنا نقيضه. فهذا وجهُ الوقف.
ثم إذا فرعنا على قول الوقف، فقسمت الغنيمة، فالرأي الحق أنا لا نقول: نتبين أن حصة كل واحد من الغانمين كانت له على التعيين قبل القسمة، ولكن معنى التبيّن أنهم إذا اقتسموها، تبيّنا أنهم ملكوا المغنم لما استولَوْا عليها ملكاً شائعاً، وتمييز الحصص يحصل بالقسمة، كما يقسم الورثةُ التركة؛ فإن القسمة تُخَلِّص لكل واحد حصته بالقرعة.
وحكى صاحبُ التقريب وجهاً غريباً مفرعاً على قول الوقف؛ فقال: إذا اقتسم الغانمون، تبيّنا أن كل واحد منهم ملك الحصة التي أصابته عند الاستيلاء على المغنم، وهذا على نهاية البعد، ولكن نقله صاحب التقريب، وفرّع عليه، كما سنبين تفريعه، إن شاء الله تعالى.
ووجه هذا الوجه على بعده أن كل واحد منهم قبل القسمة كان على خِيَرةٍ من أمره، إن شاء أعرض، وإن شاء طلب حقَّه من المغنم، وليس كذلك الأملاك المشتركة بين الشركاء، فإذا حصل الاقتسام، فتمام الاستيلاء في حق كل واحد منهم يتحقق بالقسمة، فالغرض يتضمن الانعطافَ على أول السبب، وهذا وإن تكلفنا توجيهه ليس بشيء.
١١٣٩٩ - ومما نذكره في أصل الملك أن من أعرض من الغانمين عن حصته قبل القسمة، سقط حقه من المغنم. وهذا يدل على عدم ملكه. أو على ضعف ملكه، أو على تردد على مقتضى الوقف.
ثم قال الأئمة: لو أفرزنا الخمس، وأفرزنا من رأس المغنم السّلَب على تفاصيلَ تامة جرت في القَسْم، وبقيت حقوق الغانمين، فلو أعرض واحد منهم بعد إفراز