للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالإعراض؟ فعلى وجهين: أحدها - يسقط كحصة الغانم من المغنم، والثاني - لا يسقط؛ لأنه يتعين له، فصار كتعين الحصة بالقَسْم. وهذا يضاهي الخلافَ في إعراض جميع الغانمين، فإن جملة المغنم متعينة لهم، ثم في إعراضهم من الخلاف ما قدّمناه.

وأصحاب الرضخ إذا أعرضوا، وكانوا مالكين لأنفسهم، فهو كإعراض أصحاب السهام، وإن رأينا أخذَ الإرضاخ من رأس المغنم، فلا نظر في ذلك.

والعبيد يصرف ما يقابلهم من الإرضاخ إلى مواليهم، ولا حكم لإعراض العبيد؛ فإنه لا حق لهم، وإذا أعرض سادتهم، سقط ما يصرف إليهم، وإن لم يكونوا من الغانمين؛ فإن إعراض الغانم مع اختصاصه بالاغتنام إذا أسقط حقه، فإعراض من يملك بواسطةٍ أولى بأن يسقط حقه.

١١٤٠٢ - ولو أعرض ذوو القربى عن حصتهم من المغنم، فكيف حكمه؟ وإنما فرضنا الكلام فيهم، فإنهم يُستوعبون، بخلاف اليتامى على الرأي الظاهر، فليسوا في حكم الجهة المبنية على الصفة نحو (١) الفقراء في الصدقات، فإذا أعرضوا عن حقوقهم، فهل تسقط حقوقهم؟

الأظهر أنها لا تسقط؛ فإن هذا منحة أثبتها الله تعالى لهم من غير مقاتلة وشهود وقعة، فليسوا كالغانمين الذين يحمل شهودهم على إعلاء كلمة الله تعالى، ويمكن أن يقال: تسقط حقوقهم بالإعراض قبل القسمة كالغانمين، فإن ما يُصرف إليهم ملكٌ لا يرعى فيه الحاجة، فكانوا كالغانمين؛ وقد صح: " أن عمر التمس من عثمان وعلي والزبير، وجبير بنِ مطعم أن يتركوا حقوقهم من غنيمةٍ كانت وافت المدينةَ من الأهواز ". وهذا فيه سؤالان: أحدهما - أن يقال: لعله استقرض منهم. وفي بعض الروايات ما يدل على ذلك، ولكن قول الزبير لعثمان: " لا تطمعه في حقنا؛ فإنه إن أسقطه، لم يعد " (٢). يدل على أنه ما استقرض. هذا وجه.


(١) نحو: أي مثل.
(٢) خبر عمر مع عثمانَ وعليٍّ والزبير وجبير بنِ مطعم في ترك حقوقهم من غنيمة وافت المدينة من الأهواز، لم نصل إليه، والذي رأينَاه أن القصة جرت لعمرَ مع علي والعباس، فقد روى=