للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والوجه الثاني - أنه استوهبهم، فوهبوه. وهذا هو الظاهر. وانتجز به ما حَضَرنا من أحكام الإعراض عن المغنم. وقد انتهى به الكلام الكلي في أملاك الغانمين.

١١٤٠٣ - ونحن نخوض بعد ذلك في تخريج المسائل، فأول مسألة نُفَرِّعُها المسألةُ التي صدر الشافعي البابَ بها، وهي إذا كان في المغنم جاريةٌ، فوطئها أحدُ الغانمين، فلا يخلو: إما إن أحبلها، أو لم يحبلها. فإن لم يحبلها، فلا يخلو: إما إن وقعت تلك الجارية في قسمته، أو وقعت في قسمة غيره، لما قسمت الغنيمة، فإن وقعت تلك الجارية في حصة غيره، فلا يخلو: إما إن كان الغانمون محصورين، أو كان بحيث يتعذر ضبطهم لكثرتهم، فإن كانوا محصورين يتيسر ضبطهم، فحكم المهر يُخرَّج على الملك. فإن قلنا: لا يثبت لواحدٍ منهم ملك على الحقيقة قبل القسمة، فالواطىء يلتزم مهرها مكملاً، ويُردّ مهرُها على المغنم، ويقسم بين الغانمين كسائر الغنيمة.

وإن قلنا: يملك كلُّ غانم حصته، فالمذهب أن الواطىء يُغرَّم مهرَ الجارية إلا قدر حصته، فإنَّ وطأه صادف ملكه، وملكَ غيره، فسقط قدرُ حصته من الغنم.

ومن قال: إذا وقع شيء من المغنم في حصة واحد، تبيّنا أنه كان ملكاً له وقت الاغتنام، فعلى هذا إذا كانت الجارية واقعةً في حصة غير الواطىء، فتمام المهر يجب أن يصرف إليه.

هذا مقتضى هذا الوجه، والتفريع عليه أضعف منه.


=الشافعي عن إبراهيمَ بنِ محمد عن مطر الوراق ورجل لم يسمه كلاهما عن الحكم بن عيينة، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى أنه سأل عليّاً: ما فعل أبو بكر وعمر في حقكم أهلَ البيت من الخمس؟ فقال علي: " أما أبو بكر فلم يكن في زمانه أخماس، وما كان فقد أوفاناه. وأما عمر فلم يزل يعطيناه حتى جاء مال السدس والأهواز، فقال (عمر لعلي): في المسلمين خلّة، فإن أحببتم تركتم حقكم فجعلناه في خلة المسلمين حتى يأتينا مال فأوفيكم حقكم منه.
فقال العباس لعلي: لا نطمعه في حقنا. فقلت: يا أبا الفضل ألسنا أحق من أجاب أمير المؤمنين ورفع خلة المسلمين. فتوفي عمر قبل أن يأتيه مال فيقضيناه ". والحديث رواه أبو داود بألفاظ أخرى مقاربة (ر. الأم: ٤/ ١٤٨، مختصر المزني: ١٥١، أبو داود: الخراج، باب في بيان مواضع قسم الخمس وسهم ذي القربى، ح ٢٩٨٤).