للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولو جرى البيع على اختيار، واشترى ما اشترى طائعاً بثمن يصح مثله في الإسلام، فيلزمه الوفاء بالعهد، وبعث الثمن. وفي تعليقنا عن الأمام (١) أنهم إذا خلّوا الأسير على شرط أن يبعث إليهم مالاً، وفادَوْه به أنه لا يلزمه أن يفي بما وعد من المال، ولا يجوز أن يعود. قال: وحكى الشافعي عن بعض السلف: أنه يجب عليه أحد الأمرين: إما العود إلى الأسر، وإما بذلُ المال، وقيل هذا قول الشافعي في القديم. وهذا بعيد لا أصل له، ولم أره في غير تعليقنا، ولست أعدّه من المذهب.

فرع:

١١٤٢٧ - قال العراقيون: لو كان في المغنم كلاب، فإن لم يكن منتفَعاً بها، خُلّيت، ويُقتل العقور منها فأما إذا كانت منتفعاً بها بحيث يجوز اقتناؤها للانتفاع بها. قالوا: لو أراد الإمام أن يسلّمها إلى واحدٍ من الغانمين لعلمه باحتياجه إليها، فعل ذلك، غيرَ محسوب عليه.

وهذا فيه احتمال؛ فإن الكلاب في الجملة منتفع بها، فلا يبعد أن نقول: يثبت لجميعهم حق اليد فيها. ومن مات وخلف كلاباً على الصفة التي ذكرناها، فلا يستبدّ بها بعض الورثة، وليس للقاضي تخصيص بعضهم؛ فليكن الأمر كذلك في كلاب المغنم.

فرع:

١١٤٢٨ - إذا أراد الغزاة حمل رؤوس الكفار إلى بلاد الإسلام، فالمسألة ليست منصوصة للشافعي، والذي يقتضيه قياسه كراهيةُ ذلك، فإنه لم يعهد في زمن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس فيها فائدة. وقد تعلق الأصحاب بما روي أن جماعة نقلوا رؤوس الكفار إلى المدينة في زمن أبي بكر، فقال: لا تنقلوا هذه الجيف إلى حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم (٢).


(١) الإمام: المراد والده.
(٢) أثر أن جماعة نقلوا رؤوس الكفار إلى المدينة في زمن أبي بكر فأنكره عليهم، رواه البيهقي (٩/ ١٣٢) قال الحافظ: إسناده صحيح. ورواه النسائي في الكبرى: ح ٨٦٧٣. وفي الخبر أن أبا بكر رضي الله عنه أنكر ذلك فقال له عقبة بن عامر (راوي الحديث): " يا خليفة رسول الله، فإنهم يصنعون ذلك بنا. فقال أبو بكر: أفاستناناً بفارس والروم! لا يُحمل إليّ برأس، إنما يكفي الكتاب والخبر " (التلخيص: ٤/ ٢٠١).