للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صوب قصده. ثم من راعى الاستقبالَ في التحريم، ذكر خلافاً في تعيّنه عند التحلّل، وزعم أن هذا الخلاف خارج على أن نيّة الخروج هل تشرط عند السلام؟ وهذا ركيك، صادرٌ عن غير فكر؛ فإن نيّة التحلل إن شرطت، فليس مأخذ اشتراطها ما ظنّه هذا القائل، من أنه أحد طرفي الصلاة؛ وإنّما سبب اشتراطها أنه خطابٌ للآدمي، مخالف لموضوع الصلاة، [فلا بد عنده] (١) من نيّةٍ تصرفه إلى مقصود الصلاة، ولا تعلّق لهذا الفنّ بما نحن فيه من أمر الاستقبال.

٧٢٢ - ومما نذكره في ذلك: أن المسافر إذا مضى في صلاته، فينبغي أن يتخذ طريقَه قبلتَه في دوام الصلاة، فلو انحرف عنها إلى غير القبلة قصداً، بطلت صلاته، ثم الطريق قد تستدُّ، وربّما تدور، فيتبعها كيف فُرضت، ولسنا نعني الطريق المعتدة بالإطراق، ولكنّا نريد صوبَها، فلو تعلّى (٢) المسافر عن الطريق، ولم ينحرف عن صوبها، وكان يبغي التوقي من زحمةٍ، أو غبار، فلا بأس، ولو كان المسافر راكباً تعاسيف (٣)، فقد كان شيخي يقول: إن لم يكن له صوب ومقصد، وكان يستدبر تارةً ويستقبل أخرى -فِعْلَ الهائم- فلا يتنفل أصلاً، إذا لم يكن مستقبلاً في جميع صلاته.

[وإن لم يكن على طريق، بل كان ينتحي صوباً معلوماً، فهل يتنفل مستقبلاً صوبه]؟ (٤) فعلى قولين، وتوجيههما أنّا في قولٍ نقول: له مقصد معلوم، وفي قول نقول: ليس ينتحي طريقاً مضبوطاً، والصوبُ متاهة غير منضبطة.

ويخرج عن مجموع ما ذكرناه: أن الصلاة في حال الاختيار كلّها، لا بد وأن تكون منوطة بلزوم جهةٍ، وإنما الكلام في تعيّنها.


(١) في النسخ الأربع: "فلا بدّ عند قائلين" ولعل صوابها " عند قائليه " فأصابها التحريف.
وما أثبتناه هو بعينه ما حاوله أحد قراء نسخة (ت ٢)، ففيها محاولة محو لعبارة " عند قائلين " وإثبات " عنده " مكانها. وأما نسخة (ل) فقد جاءت بنفس الخطأ تقريباً، وأقول: " تقريباً "؛ لأن في الموضع أثر (أرضة) خرمت أطراف بعض الحروف. والله المستعان.
(٢) تعلى: ارتفع (المعجم)، والمراد هنا تجنب الطريق المطروقة.
(٣) عسف الطريق: سار فيه على غير هدى، وهو يركب التعاسيف: إذا لم يسلك الطريق المستقيم (المعجم).
(٤) ساقط من الأصل و (ط).