للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القدر في حق نفسه، ثم الانتساب إليه يوجب مساواته في القدر الملتزَم، كما يوجب اطّراد الذمّة من غير تجديد.

ولو بلغ ابن الذمي سفيهاً غير رشيد، فلا بد من الجزية، ثم القول في اطراد الذمة كما سبق. فإن قلنا: لا بدّ من عقدٍ جديد، لم يختلف هذا بأن يكون سفيهاً أو رشيداً؛ فإن الاستمرار تحت [العهد] (١) ونبذه [مما] (٢) لا يدخل تحت الحجر.

وسئل القاضي عما لو التزم (٣) أكثر من دينار دون إذن الولي، فقال: تلزمه الزيادة، وإن لم يأذن فيها الولي، وبناه على أن عقد العهد ونبذه لا يدخل تحت الولاية. وهذا غير سديد؛ فإن أصل العهد كذلك، فأما التزام مال، بلا فائدة، فيجب أن يقبض فيه على يده، حتى لا ينفذ التزامَه الزائد على الدينار.

ولو وجب على السفيه قصاصٌ، فأبى مستحق الدم أن يصالح إلا على أكثر من الدية؛ فإن السفيه يبذلها لحقن دمه، ولو لم يبذلها السفيه، فالولي المتصرف في نفسه هل يبذل ماله لحقن دمه [إذا كان السفيه لا يطلبه، أو ينهى عنه؟ الوجه عندنا أن يقال: للولي أن يحقن دمه] (٤) كما أنه يتدارك رمقه وإن احتاج إلى استيعاب ماله لطعام يحصله له.

فإن قيل: لو لم يفعل الولي ذلك؟ قلنا: يفعله السفيه. فهذا التصرف يجب أن يكون دائراً بينهما. والوجه أن يراجع الولي فيه إذا أمكنت مراجعته، فإن عسرت المراجعة أو امتنع الولي، فيستقل السفيه بحقن دم نفسه، وإن احتاج إلى بذل ديات، وليس هذا كالجزية التي نحن فيها؛ فإن حقن الدم ممكن بدينار، والصلح عن الدم مفروض فيه إذا كان مستحقه لا يرضى بمقدار الدية، والحق له، وقد يخطر للفقيه أن السفيه إذا أبى أن يصالح، فليس لوليه التصرّف في دمه، وهذا بعيد؛ فإن ماله صين عن الضياع بنصب الولي استصلاحاً، فدمه أولى بالحقن إذا حَقَّت الضرورة.


(١) في النسختين: " الحجر ".
(٢) في الأصل: " ومما ".
(٣) أي من بلغ سفيهاً.
(٤) ما بين المعقفين زيادة من (هـ ٤).