١١٤٥٤ - ومما نلحقه بمقصود الفصل أَخْذُ الجزية من أصحاب الصوامع والشيوخ الزمنى، والذين قلنا في قتلهم قولان، وللأصحاب طريقان: منهم من قطع بأخذ الجزية؛ فإنهم من جنس الرجال المقاتلة، ومنهم من خرّج في أخذ الجزية منهم قولين مبنين على جواز قتلهم، فإن قلنا: إنهم لا يقتلون، فهم ملتحقون بالنساء والذراري.
١١٤٥٥ - فأما من يجن تارة ويُفيق أخرى، فقد اضطرب الأصحاب فيه في حكم الجزية، وحاصل ما وجدته أوجهٌ، آتي بها، وأذكر -على حسب الإمكان- وجوهَها، فنقول: أولاً لا يضرب على المجنون الجزية، فأما إذا كان يجن مرة، ويُفيق أخرى، فمن أصحابنا من قال: يعتبر آخر الحول في أخذ الجزية، فإن كان في ذلك الوقت مُفيقاً، ألزمناه الجزية، وإن كان مجنوناً قبل ذلك في جميع الأوقات، أو معظمها، وإن كان مجنوناً في ذلك الوقت لا جزية عليه، ولا اعتبار بالإفاقة من قبل، وهذا القائل يُشبِّه ما ذكرناه من اعتبار الفقر واليسار في حق العاقلة، فإنا نعتبر فيهما آخر الحول.
ومن أصحابنا من قال: إذا كان يجن ويُفيق، فلا حكم للجنون المتخلّل، بل هو كالغشية تطْرأ، فتجب الجزية على هذا الشخص.
ومن أصحابنا من قال: النظر إلى الأغلب، فإن كان الأغلب زمان الإفاقة، وجبت الجزية، وهذا القائل يقول: إذا استوى الزمانان، نغلّب وجوب الجزية.
ومنهم من قال: تلفق أيام الإفاقة، وتهدر أيام الجنون، فمهما بلغت أيام الإفاقة سنة، وجبت الجزية.
وذكر الشيخ أبو علي وجهاً خامساً في الشرح، فقال: من أصحابنا من قال: إذا كان يجن ويُفيق، فلا جزية عليه أصلاً، وإن كان زمان الإفاقة أغلب، فجعل طروءَ الجنون مؤثراً في إسقاط الجزية، وهذا كما أن الرق لما نافى ضرب الجزية، فكذلك بعضه ينافي الجزية، فلا جزية على من بعضه حر، وبعضه رقيق، وهذا بعيد.
ثم قال: هذا إذا كان الجنون والإفاقة متعاقبين [يفيق يومين أو ثلاثة، ويجن