ج- أنه العصر الذي أنجب الأئمة أصحاب المذاهب المتبوعة التي استمرت دون غيرها من مذاهب الأئمة الذين لم تدوّن مذاهبهم -وما أكثرهم- أو التي دوّنت، ولم يقم بها أتباعها؛ فنسيت.
- لقد حفظ لنا تاريخُ الفقه أسماء لثلاثة عشر إماماً مجتهداً دوّنت مذاهبهم، وعُمل بها، بقي منها المذاهب الأربعة المعروفة، ونُسي باقيها، بمعنى أنه لم يتيسر لهم من الأتباع من ينشر علمهم، وبقي حبيساً في بطون الكتب، من أشهر هؤلاء:
الإمام الأَوْزاعي، أبو عمرو عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي، ولد سنة ٨٨ هـ وتوفي سنة ١٥٧ هـ.
والإمام الليث بن سعد، الذي قال فيه الشافعي: كان الليث أفقه من مالك، إلا أن أصحابه لم يقوموا به ت ١٧٥ هـ.
والإمام داود الظاهري، داود بن علي بن خلف الأصبهاني، المعروف بالظاهري، كان تلميذاً للشافعي (١)، ومن أشد المدافعين عن مذهبه، والداعين إليه، ثم استقل بمنهجه وأصوله ومذهبه، وألف كثيراً من الكتب، في الفقه، وفي الأصول، وقد استمر مذهبه شائعاً متبعاً، ثم اضمحل في منتصف القرن الخامس، ولد داود بالكوفة سنة ٢٠٢ هـ، وتوفي سنة ٢٧٠ هـ.
والإمام أبو جعفر محمد بن جرير الطبري، كان شافعياً في أول أمره، ثم استقل بمذهبه، وقد ترك لنا ثروة علمية هائلة، في الفقه، والأصول والخلاف، والتفسير، والحديث، والتاريخ، ولد سنة ٢٢٤ هـ، وتوفي سنة ٣١٠ هـ.
وعدوا من هؤلاء أيضاً: الحسن البصري ت ١١٠هـ، وسفيان الثوري ت ١٦١ هـ، وسفيان بن عيينة. ت ١٩٨ هـ، وإسحاق بن راهويه ت ٢٣٨ هـ، وأبو ثور. ت ٢٤٠ هـ.
(١) لعل في العبارة تجوزاً؛ إذ كيف يكون تلميذاً للشافعي مع أنه ولد سنة (٢٠٢)، فالمقصود بالتلمذة هنا اتباعه، والعمل بأصوله ومناهجه.