للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنه في حال الأخذ بالرأي عند من يأخذون به في مقابل الحديث، لا يُعدّ الحديث صحيحَ النسبة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، بل إنهم ينكرون هذه النسبة، ويعتبرون الخبر المروي شاذاً في متنه، إذ أنه يخالف القواعد المقررة الثابتة المأخوذة من مقاصد الشريعة العامة، ونصوصها الخاصة" (١).

* نعود إلى ملامح العصر فنقول: كان طبيعياً أن يصطبغ الفقه في كل إقليم بصبغة تختلف عن غيره من الأقاليم نتيجة لاختلاف الأعراف والتقاليد والظروف، ولذلك كثرت رحلات الفقهاء من إقليم إلى آخر للتعرف على ما عند الفقهاء الآخرين والاستفادة بفقههم.

...

- ونحب أن نؤكد هنا أن تسمية هذا العصر بعصر الأئمة المجتهدين، فيها شيء كثير من التجوّز، وذلك من ناحيتين:

أ- أن كل ما كان من فتاوى الصحابة والتابعين في القرن السابق، إنما هو اجتهاد لا شك في ذلك، فكل المفتين الذين ذكرنا أسماءهم آنفاً -وغيرهم- كانوا أئمة مجتهدين.

ب- أن الاجتهاد لم ينقطع -على الأصح- طوال هذه القرون، بل هو فرضٌ واجب في كل عصر، على حدّ تعبير السيوطي في عنوان رسالته:

(الرد على من أخلد إلى الأرض، وجهل أن الاجتهاد في كل عصرٍ فرض)

وإنما سوغ هذا الإطلاق، وتسميةَ هذا العصر بعصر الأئمة المجتهدين عدةُ أمور:

أ- أن هذا العصر هو الذي وُضعت فيه مناهج الاجتهاد، وضوابطه، وصار لها ألقابٌ، وأسماء، ومصطلحات، كما تمايزت فيه مناهج الأئمة بعضها عن بعض.

ب- أنه العصر الذي دوّن فيه الفقه بصفته فناً مبوّباً مفصلاً، مستقلاً عن غيره من الفنون.


(١) تاريخ المذاهب الإسلامية: ٢٨٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>