للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لعوض ترك القتال، [وتركُ] (١) القتال لا يستقل بنفسه دون عوض. فإن قال قائل: الجزية الواجبة تقابل ما مضى من الزمان، فما قولكم فيه إذا قال: الجزية المستقرة لا أؤديها، وأؤدي الجزى في مستقبل الزمان؟ قلنا: لم يفصل الأصحاب، ولم يفرّقوا، وإذا بدا منه امتناع، كفى ذلك.

هذا كلامنا في الامتناع من الجزية.

١١٤٦٣ - وأما ما ذكره الأصحاب من الامتناع عن إجراء الأحكام، فذلك فيه نظر لا بدّ منه؛ فإن امتنع [من امتنع] (٢) منهم عن الحكم شارداً، أو هارباً، فلست أرى ذلك نقضاً للعهد.

وإن كان الامتناع عن ركون إلى عُدّة، [وتقوٍّ] (٣) بقوة، فالوجه أن ندعوهم حتى يستسلموا، كما فعل علي بن أبي طالب رضي الله عنه في الخوارج، إذ قال لهم: " استسلموا نحكم عليكم " (٤) فإن امتنعوا، هممنا بهم، فإن استسلموا، حكمنا عليهم، وإن قاتلوا، آل الأمر إلى القتال الناقض للعهد.

وما ذكرته من ترديد الرأي في منع الجزية [والامتناع] (٥) مستند إلى كلام.

الأصحاب؛ فإن القاضي، لم يذكر في الذي ينقض العهد [إلا نصبهم القتال] (٦)، ولست أبعد أن الأولين ذكروا القتال، وعدّوا منعَ الجزية من أسبابه، وعبروا من (٧) الامتناع (٨) عن القتال، فإن كان كذلك، آل الأمر إلى أن الناقض بنفسه وذاته القتالُ فإنه منافٍ للأمان.


(١) في الأصل: " ولو ترك ".
(٢) زيادة من المحقق.
(٣) في الأصل: " وـ ـول " (انظر صورتها) (وهـ٤) سقطت الصفحة كاملة.
(٤) أثر علي " استسلموا نحكم عليكم " رواه الشافعي في الأم: ٤/ ٢١٧.
(٥) زيادة من المحقق رعاية للسياق.
(٦) عبارة الأصل: إلا نصبهم في القتال. وتقع العبارة في صفحة ذاهبة من (هـ ٤).
(٧) من: مرادفة للباء، وعليه قوله تعالى: {يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ} [الشورى: ٤٥].
(٨) الامتناع: المراد الامتناع عن أداء الجزية وعن التزام الأحكام، فمعنى العبارة: عبروا بالامتناع عن أداء الجزية والتزام الأحكام عن القتال.