الزمان، ففي بطلان الصلاة خلافٌ ذكرناه، فإن بطلت، فلا كلام، وإن قلنا: لا تبطل، فيردَّها ويسجد للسهو.
وإن جمحت الدابّة، وتعدّت بنفسها، والمصلّي ذاكر، فإن طال الزمان، بطلت الصلاة، وإن تمكن من ردّها على القرب، فقد ذكرنا في مثل هذه الصورة خلافاً فيمن يُصرف عن القبلة، والظاهر هاهنا أن الصلاة لا تبطل، فإنّ نفرةَ الدابّة وجماحَها -مع ردّها على قربٍ- ممّا يعم وقوعه، وتظهر البلوى به، ولو قضينا ببطلان الصلاة بقليل ذلك؛ لأثر ذلك في قاعدة الرخصة، مع العلم بأن هذه الرخصة مبنية على نهاية السعة، وغاية التخفيف.
فأمّا صرف الرجلِ الرجلَ عن القبلة، فأمرٌ لا يعهد وقوعه إلا في غاية الندور، فلهذا قطع الأئمة بأن جماح الدابة في زمان قريب لا يبطل الصلاة، ولم أر ما يخالف هذا للأصحاب، ثم إذا سددها، فقد قطع الصيدلاني بأنه لا يسجد؛ فإن سجود السهو لا يثبت إلاّ عند سهو المصلّي بترك شيء، أو فعلِ شيء، ولم يُوجد من المصلي شيء. ولا يجوز غير هذا الذي ذكر.
ولو خرجت الدابة من غير جماح عن السمت، والمصلي غافل عنها، ذاكر لصلاته، فإنْ قَصُر الزمان، لم تبطل الصلاة، وإن طال الزمان، ففيه الكلام المقدم.
فإن لم تبطل، فقد قطع شيخي بسجود السهو في هذه الصورة. وقياس ما ذكره الصيدلاني أنه لا يسجد؛ لأنه لم يصرف الدابة بنفسه ناسياً، فينسب الخروج عن السمت إليه. ويحتمل على طريقةٍ أن يسجد من حيث إنه غفل عن مستن (١) الدابة ومجراها، ولو كان متذاكراً حاضر الذهن، لَمَنَعها من الخروج، فالخلاف في هذه الصورة ظاهر.
فإذاً إن نسي، وأخرج الدابة، فالسجود عليه، حيث لا تبطل صلاته. وإن جمحت الدابة، وقهرت راكبها، فلا يسجد، حيث لا تبطل الصلاة قطعاً. وإن كان خروج الدابة عن السمت، لغفلة الراكب، ففي سجود السهو خلاف ظاهر، فهذا بيان حكم الاستقبال في حق الراكب.