للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٧٢٥ - فأمّا كيفية الصلاة: فإن كان الراكب في مَرْقد، وتمكّن من إتمام الركوع والسجود، فليتمهما، ولو اقتصر على الإيماء، فالتفصيل فيه كالتفصيل في القاعد المتمكن، يومىء بالركوع والسجود، من غير عجز.

وإن كان لا يتمكن من إتمام الركوع والسجود لكونه على رحل أو سرج، فيأتي بما يقدر عليه، وينبغي أن يزيد انحناؤه للسجود على انحنائه للركوع؛ ليفصل بينهما.

وأنا أرى الفصل بينهَما -عند التمكن- محتوماً متعَيّناً.

وهل يجب أن يبلغ غاية وُسعه في الانحناء؟ هذا فيه تردّد وتصرّف عندي؛ والوجه أنّا نكلّفه أن ينحني بحيث يزيد على انحناء الراكع على الأرض. فأما الانتهاء إلى حد انحناء الساجد على الأرض مع التمكن، فهل يُشترط؟ فيه احتمالٌ. والظاهر عندي ألا يتعين، ويكفي انحناءٌ يظهر (١) مع مراعاة التمييز بين الركوع والسجود؛ فإن الدواب لها نزقات يخشى منها مصادمات محذورة.

فلو قيل: ينحني انحناء لا ينتهي إلى حدّ يتوقع ذلك في أحوال الغفلات، ويكتفى بهذا، لم يبعد والغالب على الظن أن السلف كانوا يقتصرون على هذا المقدار، والعلم عند الله عز وجل.

فهذا تفصيل القول في تنفل الراكب.

٧٢٦ - فأما الماشي، فإنه يتنفل عندنا، وهو يمشي كالراكب، ومنع أبو حنيفة (٢) تنفل الماشي. ومعتمد المذهب اعتبار الماشي بالراكب، وكل واحد في تخفيفات السفر ورُخَصه كالثاني، والغرض من تجويز النوافل في السفر ألا تتعطل النوافل، وهذا المعنى يعمّ الراكبَ والماشي.

ثم نذكر في الماشي كيفية الصلاة أولاً، ونذكر بعده حكمَ الاستقبال.


(١) في (ت ٢): " ... انحناء ظهره "وفي (ل): "انحناء الظهر".
(٢) ر. حاشية ابن عابدين: ١/ ٤٦٩.