للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولو دخل الذمي أرض الحجاز تاجراً، ضربنا عليه نصف العشر، وهذا منقول من نص قضاء عمر (١).

ومن أهم ما يتصل بهذا المنتهى أن نقول: لا يثبت العشر من غير شرط في أصل المذهب، لا خلاف في ذلك إنما التردد في المعاهد في غير الحجاز. (٢ وإن دخلوا الحجاز بأمان تجاراً ٢) ولم يتفق شرطُ ضريبة عليهم، فقد ذكر العراقيون وجهين: أصحهما - أنه لا شيء عليه، جرياً على ما ذكرناه من اشتراط الضرب والتصريح بإثبات الضريبة، والوجه الثاني - أن العشر مأخوذ منهم، ووجهه عندنا اتباع قضاء عمر، حتى كأنا نعتقد قضاءه ضرباً على من سيكون بعده في حكم القاعدة المثبتة.

١١٤٩٢ - ثم إذا وضح هذا، ألحقنا به فناً آخر، فنقول: صح أن عمر رضي الله عنه ضرب عليهم في تجايرهم العشر -يعني المعاهدين- وضرب عليهم في الميرة نصف العشر، وأراد بذلك تكثير الميرة، فقال الأئمة: إذا رأى الإمام حطّاً من العشر في صنف تمَس إليه حاجةُ المسلمين، فلا بأس تأسياً بعُمَرَ في قضائه، ثم إن رأى رَفْعَ الضريبة [حتى] (٣) تتسعَ المكاسب، فهل له ذلك؟ فعلى وجهين: أحدهما - له ذلك جرياً على ما ذكرناه من المصلحة. والثاني - لا يجوز ذلك، ولا بُدَّ من أخذ شيء وإن قل، ولعل هذا هو الأصح.

ثم قال الأئمة: لا مزيد على العشر؛ فإن عمر قنع به، مع ظهور سطوة الإسلام، فدل على أنه رآه الأقصى. وفي بعض التصانيف أن الإمام لو أراد أن يزيد على العشر، جاز له أن يزيد، وانتظم مما ذكرناه أن الأسقاط على المصلحة فيه خلاف، والأصح المنع، والحط من العشر جائز وفاقاً على شرط المصلحة، وفي الزيادة على العشر خلاف.


(١) قضاء عمر في أن على الذمي نصف العشر إذا دخل بتجارته بلاد المسلمين رواه مالك والبيهقي (انظر الحديث السابق).
(٢) ما بين القوسين سقط من (هـ ٤).
(٣) في الأصل: " حيث ".