للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مأخذ القطع في الأربعة الأشهر في تجويز المهادنة، ومأخذ القولين في الزائد من نص القرآن وهو قوله تعالى: {فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ} (١).

وفي بعض التصانيف ذكر قولين في جواز المهادنة على سنة. وهذا غلط، لم أره لأحد من الأصحاب، وإنما الموقفُ السنةُ (٢)، فإذا خرج قول في جواز المهادنة سنة - ولا ضعف- فيجب خروج هذا القول في سنتين، فصاعداً، وهذا خرمٌ لقاعدة المذهب (٣)، فلا اعتداد به، وهذا ملتحق بالهفوات.

١١٥٠٤ - هذا إذا لم يكن ضعفٌ، فأما إذا كان بالمسلمين ضعفٌ، فللإمام أن يهادن الكفارَ عشرَ سنين، والمتبع فيه سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ إذ هادن أهلَ مكة عشرَ سنين على المكافّة، ثم إنهم نقضوا العهد، كما سنصف طرفاً من ذلك، إن شاء الله تعالى، فسار إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولا مزيد على العَشْر.

هذا ما ذهب إليه المحققون.

وحكى صاحب التقريب وجهاً ضعيفاً في جواز الزيادة، ودليل هذا القائل ما جرى لرسول الله صلى الله عليه وسلم تنزيلاً للمهادنة على المصلحة اللائقة بالحال، فليتأمل كل ناظر ما يليق بالاستصواب والاستصلاح.

وهذا وجه مزيف لا تعويل عليه، ولا اعتداد به.

ولو عقد [الإمام] (٤) المهادنة وأطلقها، ولم يذكر وقتاً، فإن كان في قوة الإسلام والمسلمين، ففي بعض التصانيف قولان: أحدهما - أن الهدنة تنعقد على أربعة أشهر؛ تنزيلاً لها على أقل المدة اللائقة بالحال. والقول الثاني - أنها تنعقد على سنة، تنزيلاً لها على الأكثر.


(١) المعنى أن من منع الزيادة على الأربعة الأشهر أخذ بمفهوم الآية، ومن أجاز الزيادة إلى ما دون السنة نظر إلى نقصها عن سنة الجزية.
(٢) المعنى أن الموقف الذي انتهى التفريع إليه هو السنة، كما يظهر في التعليق الآتي بعده.
(٣) المذهب أنه لا تجوز الزيادة على سنة قطعاً، ولا سنة على القول المعتمد في المذهب، ولا يجوز ما بين السنة الأربعةً الأشهر على الأظهر (ر. الروضة: ١٠/ ٣٣٥).
(٤) زيادة من (هـ ٤).