للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا خطأ من وجهين: أحدهما - تقدير الهدنة على سنة في قوة المسلمين، وقد أوضحنا هذا. والثاني - أن الهدنة لا تختص بالأربعة الأشهر ولا بالسنة، وإن كانت السنة مدةً للهدنة؛ فإنها قد تُعقد على عشرة أشهر فلا معنى للتّحكم بتنزيلها على الأربعة أو على السنة، والوجه القطع بفساد الهدنة.

وقد ذكر صاحب التقريب فيه إذا كان بالمسلمين ضعف وقد أطلقت الهدنة، فالهدنة المطلقة تحمل على عشر سنين، وهذا يناظر ما ذكرناه من حمل الهدنة على سنة إذا كانت القوة للمسلمين.

وكل ذلك باطل، والوجه إفساد الهدنة المطلقة في القوة والضعف جميعاً، لما أشرنا إليه من أن المدة لا يخصصها في الإطلاق لفظ ولا عُرف، ولا أمرٌ شرعي، فالوجه إفسادها، ثم إذا فسدت المهادنة، فأثر فسادها أنها لا تلزم.

ولكن لا يجوز المسير إلى الكفار بغتة من غير إشعارهم بأن لا عهد بيننا وبينهم، وهم ما داموا على ظن العهد آمنون.

ولو زاد الإمام على عشر، والتفريع على أن الزيادة ممتنعة، فلا شك أن الزيادة مردودة، وهل [تفسد] (١) المهادنة على العشر أم تلزم، وتنحذف الزيادة على العشر؟ فعلى قولين: أحدهما - أن الزيادة منحذفة والهدنة لازمة على العشر. والثاني - أن الهدنة فاسدة، وقرّب الأصحاب القولين من قاعدة تفريق الصفقة، فإن العشر مدة الهدنة، فإذا ذكرت مع الزيادة عليها، كان ذلك جمعاً في عقدٍ بين ما يجوز وما لا يجوز. هذا مأخذ القولين.

ثم الأصح تصحيح المهادنة؛ فإنا حيث نُفسد الصفقة بالتفريق، فمعوّلنا ما يؤدي التصحيح إليه من جهالة العوض، وهذا المعنى لا يتحقق في المهادنة، وينضم إلى ذلك ابتناء المعاملة مع الكفار على ضرب من المساهلة لا يحتمل مثله في المعاملات الخاصة الجارية بين المسلمين.

١١٥٠٥ - وممّا يتعلق بقاعدة الهدنة أن الكفار لو طلبوا الهدنة وليست تبعد عن


(١) في الأصل: " تلزم ".