منهم، فلا يبعد ألا يكونوا ملتزمين للعهد وبموجبه، ويشهد لذلك ما كان يفعله أبو بصير من قَطْع الطريق على أهل مكة، ولو نهاه رسول الله صلى الله عليه وسلم لانتهى، ويشهد لذلك تعريض عمر.
ويجوز أن يقال: من أسلم منهم لم يكن له أن يتعرض لمن عصم الإمام دمَه ومالَه.
ومن جاءنا منهم، ولم يُطلب، ولم نردّه، فلا خلاف أنا نُلزمه من الحكم ما يلزمنا؟ فإنه صار من جملتنا. وأما تعريض عمرَ، فلا يبعد أن يحمل على حِدّته وتصلّبه في الدين، وقد جرى له من هذا الجنس عام الحديبية أمور مشهورة، لا حاجة بنا إلى ذكرها.
وقد نجز المراد تصريحاً، وتنبيهاً.
فرع:
١١٥٢٤ - إذا قال الإمام: من جاءنا فهو ردّ عليكم، ثم اتصلت امرأة بطرف من أطراف بلاد الإسلام، فهل للإمام أن يغرم للزوج؟ أم كيف السبيل؟ قال العلماء: إن قال: من جاءنا وأراد من جاء (١) المسلمين، فيلزمه أن يغرم؛ فإن المرأة قد جاءت المسلمين. وإن قال: من جاءني، فإذا تعلقت بطرفٍ من أطراف بلاد الإسلام، فهل يغرم الإمام؟ فعلى وجهين: أحدهما - أنه لا يغرم؛ فإنها ما جاءته.
ومن أصحابنا من قال: يلزمه أن يغرم؛ فإن من جاء المسلمين، فقد جاءه؛ فإنهم رعيّته، وتحت حكمه.
ولو تعلّقت بديار البغاة حيث لا ينفذ أمر الإمام، وقد كان قال: من جاءني، فلا يغرم للزوج المطالِب شيئاً؛ فإن الفئة الباغية ليسوا تحت حكم الإمام، ولو قال: من جاءنا، ثم جاءت إلى البغاة، لم يضمن الإمام أيضاً، فإنه غير متمكِّن من ردها، والغرم يتبع طلباً مع إمكان الردّ صورةً.
وقد انتجز ما أردنا تمهيداً وتفريعاً.
١١٥٢٥ - ونحن نعقد فصلاً متصلاً بهذا. فنقول: من جاء الكفارَ منا مُرتداً عن