للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

دينه وصفةُ المهادنة ما قدمناه، فسُحْقاً سُحْقاً، وإذا التحقت بهم مرتدة، فعليهم أن يردوها، وإن قلنا: من جاءكم، فلا تردوه؛ فإن النسوة مستثنيات من هذه الإطلاقات، وكما لا ترد المسلمة المهاجرة- وإن قلنا: من جاءنا، فهو ردٌّ - فكذلك نسترد المرتدة وإن قلنا: من جاءكم، فلا تردوه.

ثم لو جاءتنا مهاجرة مسلمة، وجاءتهم مرتدة، فالإمام يغرم لزوج المرتدة ما ساقه من صداقها، والأصل فيه قوله تعالى في آية المهاجرات: {وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ مِثْلَ مَا أَنْفَقُوا} [الممتحنة: ١١] والسبب فيه أن المهادنة هي التي جرّت هذا الأمر، وهذا مشكل مع ما ذكرناه من أن المرتدة مستردة منهم، ويلزمهم ردّها، فمصيرها إليهم كمصيرها إلى أهل الحرب، ولكن أهل الإسلام منحجزون منه بسبب المهادنة على الجملة إلى أن يتفق نبذها، وما ذكرناه تكلّفٌ مع نص القرآن.

" وليس وراء الله [للمرء] (١) مذهب ".

ثم أجمع أصحابنا على أنها إذا جاءتنا مسلمة، وجاء الزوج مطالباً، وجاءتهم مرتدة، فالذي كنا نغرمه لزوج المسلمة نسلمه إلى زوج المرتدة إن تساوى المهران في المقدار، وإن كان مهر المسلمة أقل، صرفناه إلى زوج المرتدة، وأكملنا له ما كان ساق إلى زوجته. وإن كان مهر المسلمة أكثر، صرفنا مقدار مهر المرتدة إلى زوجها، وصرفنا الفاضل إلى زوج المسلمة، [ولا يتهدّى المعنى إلى هذا] (٢)؛ فإن زوج المسلمة يقول: لا ذنب لي في التحاق تلك المرتدة بدار المهادنين، فلم منعتموني حقي، والممكن أن يقال: ليس لك حق متأكد على قياس أعواض المتلفات، وإنما نغرم [لك] (٣) بحكم المهادنة، وأهلُ المهادنة في موجب المهادنة كالشخص الواحد، وقد انتهى الغرض.


(١) في الأصل: " لكم ". ثم إن هذا عجز بيت للنابغة الذبياني، وصدره:
حَلَفْتُ فلم أترُك لنفسكَ ريبةً.
(٢) زيادة من (هـ ٤).
(٣) في الأصل: " لكم ".