للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

١١٥٢٦ - لا ينبغي للإمام أن يبذل للكفار مالاً، فإن ذلك ذلٌّ، لا سبيل إلى التزامه، والأصل في ذلك ما روي: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بلغه خبر تألّب العرب، واجتماع الأحزاب، جمع السعودَ: سعدَ بنَ عبادة، وسعدَ بن معاذ، وأسعد بن زرارة، وقال لهم: إن العرب قد كالبتكم ورمتكم عن قوس واحدة، فهل ترون أن ندفع إليهم شيئاً من ثمار المدينة؟ وروي هل ترون أن ندفع شيئاً من ثمار المدينة إلى غطفان. فقالوا: إن قلت عن وحي، فسمعاً وطاعة، وإن قلت عن رأي، فرأيك متبع، وإن كان مكيدة من مكائد الحرب، فحتى ننظر، فقال صلى الله عليه وسلم: بل مكيدة، فقالوا: كنا لا ندفع إليهم ثمرة إلا شراءً أو قِرِّى ونحن كفار، وقد أعزنا الله تعالى بالأسلام؛ فلا نقبل الدنيّة، فَسُرّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بقولهم " (١) وهذا إذا لم يَخَفْ الإمامُ اصطلاماً، واستئصالاً؛ فإن خاف ذلك، فلا خلاف أن البذل سائغ، ذكره الصيدلاني وغيره، وهو مقطوع به.


(١) قصة بذل ثلث ثمار المدينة في مصالحة الأحزاب، واستشارة النبي صلى الله عليه وسلم معروفة مشهورة، لكن الخلاف فيمن هم السعود الذين استشارهم النبي صلى الله عليه وسلم.
اتفق كل من روى القصة على سعد بن معاذ، وسعد بن عبادة رضي الله عنهما (وسماهما البزار في روايته: السعود). ولكن كثر الوهم في رواية القصة، فقد ذكر الإمام أسعدَ بنَ زُرارة رضي الله عنه والمعروف أنه مات قبل بدر، باتفاق أهل المغازي والتواريخ، كما قال الحافظ في الإصابة (١/ ٣٤).
وجعل الطبراني السعودَ خمسة، وتُعقب في ذكر اثنين منهما: سعد بن خيثمة، وقد استشهد ببدر، وسعدُ بنُ الربيع، وقد استشهد بأحد.
كما اختلف لفظ رواة القصة، فقال البزار والطبراني: السعود، وقال ابن كثير: السعدين، وعزاه لابن إسحاق، وآخرون ذكروا الأسماء من غير وصف سعدين ولا سعود.
(ر. الطبراني الكبير: ٦/ح ٥٤٠٩، البزار: ١٦٣/ ١ - ٢ زوائد، مجمع الزوائد: ٦/ ١٣٢، ١٣٣، السيرة لابن هشام: ٣/ ١٧٤، طبقات ابن سعد: ٢/ ٧٣، تاريخ الطبري: ٢/ ٥٧٣، أسد الغابة: ٢/ ٢٩٤، ٢٩٥، الكامل: ٢/ ١٨٠، البداية والنهاية: ٤/ ١٠٦، الإصابة: ٢/ ٣٦).