أَلِفٌ أنيس ثم يدرك فريسته قبل الموت، وهذا الكتاب مبني على الفريسة التي تموت تحت الجارحة.
١١٥٣٦ - وأما الكلام في جوارح الطيور، فليس من الممكن تعليم البازي الانكفافَ عن الأكل، وليس من الممكن أن ينزجر إذا تشوف إلى الصيد على جوع، فانتهاضُه بطباعه لا بالإغراء، والانزجارُ غير ممكن، ولكنها تألف ولا تنفر من صاحبها، فيأخذها أو يدعوها فتجيب، فالبزاة والعقبان والصقور والفهود إنما يحصل منها الإلف والعَوْد، ثم أصحابها يتمكنون مما أخذت وفيها حياة، فهذا ما عليه مبنى الصيد.
فإن صور متكلف جارحةً من الطير منطاعة، أو صور فهداً كذلك، فما تصطاده هذه الأشياء ويموت، ولم يُدرك، فهو حلال.
فإذا لم يوجد الإلف، فما يموت من صيدها، فهو حرامٌ.
وقد نجز ما أردنا تمهيده في المعلَّم وغير المعلم.
١١٥٣٧ - ثم إذا استجمع الكلب شرائط التعليم، ولا تكاد تجتمع صفات التعليم إلا فيه؛ فإنه على كيسٍ لا يقاس به كيس بهيمة، وهو أَلِفٌ بطبعه يتشوف إلى التعليم، فإذا ضبط الكلب صيداً، وجرحه، ولم يأكل منه -وذلك بعد ثبوت كونه معلماً- فإذا مات ذلك الصيد، فهو حلال.
واختلف قول الشافعي في موضع عض الكلب، فنص على قولين، كما حكاه الصيدلاني: أحدهما - أنه يُعفى عن النجاسة في موضع عضه لمسيس الحاجة. والثاني - أنه لا يُعفى. فإن قلنا: إنه يُعفَى، فلا غسل في الموضع ولا تعفير. وإن قلنا: لا يعفى، فعلى هذا القول وجهان: أحدهما - أنه يكفي الغسل في الموضع وتعفيره.
والثاني - لا بد من قطع جِلْفة (١) من موضع عضه، فإن ذلك الموضع قد يغوص فيه لعاب الكلب بعضَ الغوص، فيستتر به ولا تتأتى التنحية والإزالة إلا بالقطع. وهذا القائل يطرد هذا في كل لحم أو ما في معناه يَعضّ عليه الكلب.
(١) الجِلفة: القطعة من كل شيء. (المعجم) وفي (هـ ٤): فلقة مكان جلفة.