للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الاستقبال إلا عشرون أو نيف وعشرون، ويخرج طرف الصف إن زادوا، وكانوا على استطالة واستداد (١) عن المُحاذاة، فلا تصح صلاة الخارجين عن المحاذاة في القرب؛ لخروجهم عن الاستقبال، وهذا بيّنٌ.

ولو بعدوا ووقفوا في أخريات المسجد، فقد يبلغ الصف ألفاً، وهم معاينون للكعبة، وصلاتهم صحيحة. ونحن -على قطعٍ- نعلم أن حقيقة المحاذاة -نفياً وإثباتاً- لا تختلف بالقرب والبعد، ولكن المتبع في ذلك وفي نظائره حكم الإطلاق والتسمية، لا حقيقة المسامتة، وإذا قرب الصف، واستطال، وخرج طرفُه عن المحاذاة، لم يُسمّ الخارجون مستقبلين. وإذا استأخر الصف وبعُد سمّوا مستقبلين.

٧٣٤ - وهذه الأحكام مأخوذة في [وضع] (٢) الشرع من التسميات والإطلاقات.

وعلى ذلك بنى الشافعي تفصيلَ القول في الصلاة على ظهر الكعبة، فقال: إن لم يكن على طرف السطح شيء شاخص من بناء الكعبة، فلا تصح صلاة الواقف على الظَّهر؛ فإن من علا شيئاً لم يسمَّ مستقبلاً، ولو وقف خارجاً من الكعبة -على أبي قبيس مثلاً- فالكعبة مستقبلة عن موقفه، وصلاته صحيحة؛ فإنه يسمى مستقبلاً، ولا يختلف ما يطلق من ذلك بعلوّ الواقف وتسفّله.

ولو وقف على السطح، وكان على طرف السطح شيء شاخص من البناء بقدر مؤخرة [الرَّحْل] (٣) وهو واقف في محاذاته، فصلاته صحيحة؛ فإنه يسمى مستقبلاً لذلك الجزء. ولو وضع شيئاً بين يديه ودفعه ونضَّده بالقدر الذي ذكرناه، واستقبله،


(١) في (ط): واستدارة. وهو تصحيف ظاهر.
(٢) في الأصل: موضع. والمثبت من باقي النسخ.
(٣) في الأصل وفي (ط): الرجُل، والمثبت من (ت ١)، (ت ٢): الرحل بالحاء المهملة الساكنة. وعبارة ابن أبي عصرون: بقدر المؤخرة. وفي المجموع للنووي: "إن كان الشاخص ثلثي ذراع، صحت صلاته، وإلا فلا، وقيل: يشترط ذراع، وقيل: يكفي أدنى شخوص، وقيل: يشترط كونه قدر قامة المصلي طولاً وعرضاً، حكاه الشيخ أبو حامد، وغيره، والصحيح المشهور الذي قطع به الجمهور الأول، وهو ثلثا ذراع" (٣/ ١٩٩).
والذراع في أصح تقدير نحو ٤٦ سنتيمتر، مما يرجح الرّحْل، بالحاء. ثم التقدير بالرحل معهود في لسان الفقهاء.