للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

هذا كلامنا في هذه الصورة.

ويتصل بما ذكرناه أمرٌ في الصّيد، وهو أن من رمى صيداً ولم يذفف، فهل يلزمه أن يرمي وهكذا إلى أن ينتهي إلى التذفيف أو يعجز؟ هذا أولاً في تصويره عُسرٌ؛ لأن الطلب وقطع الحلقوم والمريء أيسر من إتباع الرّمي الرَّميَ، والصيدُ منطلق؛ فإن تصور امتناع الطلب في الحال وإمكان الرّمي، فهذا موضع الكلام، وفيه اختلاف: من أصحابنا مَن قال: لا يجب (١) إتباع الرّمي الرَّميَ، ومنهم من أوجبه للانتهاء والتذفيف، وهذا مرتَّب على البهيمة المتنكسة. والصورة الأخيرة أولى بألا يجب طلب التذفيف فيها؛ فإن التمكن لا يتم مع الصَّيد المنطلق، بخلاف الحيوان المتنكس.

فهذا بيان صورة مما وعدناه.

١١٥٥٨ - الصورة الأخرى وهي إذا نَدَّ بعيرٌ أو شردت شاةٌ، نُظر: فإن كان شرادها يُفضي بها إلى مهلكة أو مسبعة، فسبيل الشارد -والحالة هذه- كسبيل الصّيد، فيجوز أن يقصد بالآلات، ويجوز أن تُغرى به الجارحة المعلَّمة، ولو كان لا يُفضي شرادها إلى مهلكة، وربما كان تسكن، فتدرك، فالظاهر عندي أن الذبح لا يحصل بالجرح في غير المذبح؛ فإن هذا القدر إلى زوال، فلا حكم له. وفي كلام أصحابنا ما يدل على أنه إذا تحقق الشراد، فيجوز ذبحه بالجرح حيث يُصيبه؛ فإنه رُبَّما يبغي الذبح في الحال، فلا نكلّفه الصبر إلى أن يزول الشراد.

ومما يجب التنبه له أن ما ذكرناه من الشراد، لم نَعن به أدنى إفلاتٍ يتصوّر معه


=شاكلتها، وذكرت اسم الله لأجزأ عنك، والشاكلة: الخاصرة، وقال الشافعي: " تردي بعير في بئر، فطعن في شاكلته، فسئل ابن عمر عن أكله، فأمر به ... ".
وروى ابن الجارود وابن خزيمة من حديث رافع بن خُديج في حديثه المشهور الآتي، قال: " إن ناضحاً تردى في بئر بالمدينة، فذكي من قبل شاكلته، فأخذ منه ابن عمر عشيراً بدرهم ".
ا. هـ (ر. تلخيص الحبير: ٤/ ١٤٩ طبعة الكليات الأزهرية).
قلت: ولا يسلم من الوهم أحد، فابن الصلاح يتعقب أوهام الإمام والغزالي، فيقع في أخطرَ منها.
(١) هـ ٤: " لا يجوز ".