للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

١١٥٨٤ - ثم ذكر الشافعي رضي الله عنه فريسة السبع، إذا انتهينا إليها، وبنى الأمر على أنا إذا صادفناها واستلبناها من السبع، وهي في حركة المذبوح، فهي ميتة، وإن كانت فيها حياة مستقرة، فذبحناها، حلّت، وهذا مما تكرر مراراً في أحكامٍ، والمزني لما حكى ما ذكرناه، ظنّ أنّ الشافعي رضي الله عنه أثبت الذبح وإن كانت الفريسة في حركة المذبوح، فأخذ يعترض، والأمر على خلاف ما ظن؛ فإنه إنما أثبت الذبح إذا كان في الفريسة حياة مستقرة.

فصل

في الحيوانات البحرية

١١٥٨٥ - وحق هذا الفصل أن يذكر في الأطعمة عند تفصيل ما يحل وما يحرم، ولكن جرى رسم الأئمة بذكره هاهنا، فنتأسى بهم، ونقول: أما السمك فميتته حلال بكل حالٍ، سواء مات طافياً أو راسباً، أو مات بسبب أو غير سبب، فلا نشترط في إماتة السمكة تسبباً، ولا نشترط في موته سبباً ظاهراً، خلافاً لأبي حنيفة (١) رضي الله عنه، والمعتمد عندنا ما روي عن النبي صلوات الله عليه أنه قال: " أحلت لنا ميتتان ودمان، فالميتتان السمك والجراد والدمان الطحال والكبد " (٢).

ولو اقتطع رجل فلذة من سمكةٍ حيةٍ، فلا شك أن ذلك غير سائغ؛ فإنه في معنى التعذيب، ثم لو جرى ذلك، فالمذهب تحليل تلك الفِلْذة؛ فإن الذي يُحرّم المقطوعَ من الحيوان أن ما أبين من الحي فهو ميتة، وميتة السمكة حلال.


(١) ر. مختصر الطحاوي: ٢٩٩، مختصر اختلاف العلماء: ٣/ ٢١٤ مسألة: ١٣١٥، رؤوس المسائل: ٥١٢، بدائع الصنائع: ٥/ ٣٦، المبسوط: ١١/ ٢٤٧.
(٢) حديث " أحلّت لنا ميتتان ودمان ... " رواه أحمد، وابن ماجه، والدارقطني، والبيهقي من حديث ابن عمر. وقد صحح البيهقي إسناده، كما صححه الألباني في الإرواء (ر. المسند: ٢/ ٩٧، ابن ماجه: الأطعمة، باب الكبد والطحال، ح ٣٣١٤، والصيد، باب صيد الحيتان والجراد، ح ٣٢١٨، الدارقطني: ٤/ ٢٧٢، البيهقي: ١/ ٢٥٤، إروإء الغليل: ٨/ ١٦٤) ".