للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الصلاة، أو في أثناء الصلاة؟ فإن قُدّر ذلك بعد الفراغ، فنقول:

٧٤٨ - إذا اجتهد وصلى إلى جهةٍ وفرغ، ثم تبين أنه أصاب، أو لم يتبين شيء، لا بيقين، ولا بغلبة ظن، بأن جرى ذلك في موضع، فرحل منه وامتد، فلا يجب القضاء أصلاً.

وإن صلى وفرغ، ثم تغير رأيه في تلك الصلاة، فإن تبيّن قطعاً أنه قد أخطأ من جهة إلى جهة، ففي وجوب القضاء قولان مشهوران: أحدهما -وهو مذهب أبي حنيفة (١) والمزني- أنه لا يجب القضاء، والثاني - أنه يجب القضاء، وتوجيه القولين مذكور في (الأساليب) فليتأمّله الناظر.

ثم كان شيخي يقول: إن تبين للمجتهد الخطأ في الصلاة التي أقامها، وتعين له الصواب قطعاً، ففي القضاء القولان المشهوران، وإن تبين الخطأ في الصلاة المؤداة، ولم يتبين الصوابَ وجهتَه، ففي القضاء قولان مرتبان على قولين في الصورة الأولى، وهذه الصورة أولى بألا يجب القضاء فيها؛ فإنه لو قضاها لم يأمن أن يقع له في القضاء مثلُ ما وقع له في الأداء، وهذا سببٌ من أسباب سقوط القضاء، بدليل أن الحجيج إذا وقفوا مخطئين يوم العاشر، لم يلزمهم القضاء، إذْ لم يأمنوا في القضاء مثلَ ما وقع لهم في الأداء.

وهذا الترتيب خطأ عندي لا أصل له؛ فإنه إن كان لا يأمن في قضاء الصلاة مثلَ ما وقع له في الأداء، في حالة الالتباس، فيمكنه أن يصبر حتى ينتهي إلى بقعة يتعيّن له فيها يقين الصواب، وهذا يسير لا عسر فيه، وليس كذلك خطأ الحجيج في وقت الوقوف؛ فإنه يطرد فيه زوال الأمن عن وقوع الخطأ في السنين المستقبلة كلها.

فهذا إذا فرغ المجتهد ثم تيقن أنه أخطأ في تلك الصلاة بعينها.

٧٤٩ - فأما إذا تغير اجتهاده، وغلب على ظنه أنه أخطأ في تلك الصلاة، فلا يلزمه قضاؤها؛ إذا كان تغيّر الاجتهاد بعد الفراغ من الصلاة، وهذا يبنى على أصلٍ مقرّر في الشرع - وهو أن الاجتهاد لا ينقض بالاجتهاد.


(١) ر. رؤوس المسائل: ١٤٢ مسألة: ٤٩، حاشية ابن عابدين: ١/ ٢٩١.