للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٧٥٠ - ومما نُجريه في ذلك قبل مجاوزة الفصل، أن الفقهاء احتجوا بقول على قول بمسائل، والمذهب فيها مضطرب: فمما استشهد به من نصر وجوبَ القضاء: فرض الخطأ في الوقت؛ فمن اجتهد في وقت الصلاة، وأخطأ وتيقن الخطأ، فتفصيل المذهب فيه، أن هذا إن وقع في التأخير، فالوجه: القطع بإجزاء الصلاة، وإن نوى الأداء فيها، فتقوم نية الأداء مقام نية القضاء في ذلك، وهذا يناظر الخطأ في شهر رمضان في حق المحبوس، الذي التبس عليه عين الشهر، فإذا صام باجتهاده شهراً، فوقع بعد رمضان، أجزأه.

ولو تبين للذي اجتهد في وقت الصلاة أنه أوقع الصلاة قبل الوقت، فإن تبين ذلك ووقت الصلاة باقٍ بعدُ، تجب إعادة الصلاة في الوقت. وإن لم يتبين ذلك حتى انقضى الوقت، فالذي قطع به الأصحاب وجوب القضاء.

وكان شيخي يخرج ذلك على قولين، كالقولين في نظير ذلك في صوم رمضان؛ فإن المحبوس إذا صام بالاجتهاد، ثم تبين له أنه كان صام شعبان مثلاً، وقد انقضى صومُ رمضان، ففي إجزاء ما جاء به قولان، سيأتي ذكرهما في كتاب الصيام، إن شاء الله تعالى، فلا فرق إذن بين الصلاة والصوم، في فرض الخطأ في الوقت.

والذي أراه في ذلك أن الاجتهاد في الوقت إن كان ممن يتأتى منه الوصول إلى اليقين، بأن يَلْبَث ويصبر ساعةً، فإذا فرض الخطأ في التأخير، لم يضر ذلك، وإن فرض من هذا الشخص الخطأ في التقديم، فالوجه القطع بوجوب القضاء، فإن دَرَك اليقين إذا كان ممكناً، فإن سوغنا الاجتهاد، فيظهر فيه أن الاجتهاد يسوغ بشرط الإصابة.

فأما إذا كان المرء محبوساً في موضع، وكان لا يتأتى منه الوصول إلى دَرْك (١) اليقين، فإذا فرض الخطأ في هذه الصورة، فيظهر حينئذ أن يكون التفصيل فيه، كالتفصيل في شهر رمضان، كما تقدّم.


(١) "درك": بسكون الراء وفتحها.