يتعرض بذلك القطع لما هو متعرض له في ضرورته أو لخوفٍ أشد منه، فليس له ذلك، وإن كان لا يظهر الخوف في القطع، ففيه وجهان: أحدهما - لا يجوز ذلك، كما لا يجوز أن يقطع فِلقة من غيره في مثل هذه الصورة، وهو معصوم. والثاني - يجوز؛ لأن حرمة بعضه ثابتة لحرمة نفسه، فإذا قصد تداركَ الجملة بالبعض، فهو قريب من مصالح الشرع، وليس هذا كقطعه من غيره؛ فإن الغير ليس منه، وهو معصوم عنه، [وما يُفرض](١) من القطع مما يوجب القصاص لو أفضى إلى الهلاك.
وليس للإنسان أن يقطع من نفسه فِلقة ويؤثر بها رفيقَه المضطر.
١١٦٤٣ - ومما يستبيحه المضطر مالُ الغير، فله أن يأكل عند الضرورة طعامَ الغير، إذا لم يكن صاحبه مضطراً؛ فإن منعه صاحب الطعام، فله أن يغالبه عليه، ثم ينتهي الكلام بينهما إلى الأصل المشهور في أنه في قصده محقٌّ، وصاحب الطعام في منعه مبطل، فلو تناوشا قصداً ومنعاً، فأدّى ما يجري بينهما إلى هلاك صاحب الطعام، فهو هدر؛ فإنه مقتول بحق. ولو أدى المنع إلى هلاك القاصد، فهو مضمون بالقصاص؛ من جهة أنه مقتول ظلماً.
ولو كان صاحب الطعام حاضراً، وكان لا يدفع عن طعامه، فلا شك أن الذي يقتضيه أدب الشرع أن يستأذن، وهل يشترط ذلك في الاستباحة؟ فعلى وجهين: أحدهما - لا يشترط؛ لأنه إنما يظهر اشتراط الإذن، حيث يقدّر التحريم لو عدم الإذن، وإذا كان هذا الطعام مأخوذاً على كل حال، فلا معنى لاشتراط الاستئذان فيه.
والوجه الثاني - أنه يجب الاستئذان، ويحرم الطعام دونه، كما لو ظفر الرجل بمال من يستحق عليه الدين، فليس له أخذه ما لم يظهر له امتناعُ مَنْ عليه الدين من أدائه، فإذا امتنع أو كان غائباً، فقد يتسلّط على أخذه.
ولو قال صاحب الطعام: أنا أبيع منك طعامي هذا، نُظر: فإن باعه بثمن المثل، فلا يأخذه إلا بالبيع، وإن باع بثمن غالٍ، فهل له أن يأخذ قهراً؟ قال الأئمة: له