الغاية المذكورة، وأما المبادرة، فلا نشترط إعلام الأرشاق فيها، فإن نَيْل القرعات على حكم المبادرة ليس عسيراً على الرّماة.
١١٦٧٥ - ومما يتصل بما ذكرناه أنهما لو كانا يتناضلان والمشروط عشر قرعات، وقد توافقا على مائة رشق، ونحن وإن لم نشرط إعلام الأرشاق، جوزنا إعلامها، فلو رمى كلُّ واحد خمسين، وبادر أحدهما فأصاب القرعات العشر، فقد أصاب وفاز، وهل يلزمه أن يستتم المائة أم لا؟ فيه وجهان، وليس الغرض من هذا التردُّدَ في استرداد المال من المبادر، فذاك حكمٌ لا ينقض، ولكن أثر الاختلاف أن من أصحابنا من لم يُلزمه الاستكمالَ؛ من جهة أنه استتم العمل الذي به الاستحقاق، فلا معنى لإلزامه عملاً بعد ذلك، ومنتهى العمل في هذا الكتاب ما يتعلق الاستحقاق به.
ومن أصحابنا من قال: يلزمه استتمام الأرشاق؛ فإنَّ صاحبه إنما بذل المال لينتفع بالمناضلة، ويستفيد من رمي صاحبه، وإذا فاز صاحبه بالقرعات، قال له من استحق المال عليه: قد فزتَ بالمال، فوفّر العمل (١)، وهذا التردد قريب المأخذ مما ذكرناه في أنا عند فساد المعاملة هل نرجع إلى أجر المثل، ووجه التلاقي أنا نقول في وجه: لا أجرة؛ فإنَّ كُلاً يعمل لنفسه، وإنما استحقاق المال بالشرط على حكم المخاطرة، فعلى هذا لا نكلفه إتمامَ الأرشاق بعد استحقاق المال، وإن أثبتنا أجرة المثل عند فساد المعاملة، فقد اعتبرنا العمل، وقدرناه كالمنافع المستحقة، فعلى هذا لا يبعد أن نكلفه استكمال العمل بعد الفوز بالمال هذا في المبادرة.
فأما في المحاطة إذا وقع التشارط على أن يخلص للفائز عشر قرعات، وتوافقا على مائة رشْق، فإذا أصاب أحدهما عشر قرعات خالصة من خمسين، فهل يستحق السبَق؟ في المسألة وجهان: أحدهما - أنه يستحقه كما في المبادرة؛ فإنهما استويا في الأرشاق، وتحقق خلوص العشر لأحدهما، والخلوص في المحاطة كحصول القرعات العشر في المبادرة.