ومن أصحابنا من قال: لا يستحق المال حتى يستتم الرّمي؛ فإن صاحبه يقول: قد [أُصيبُ](١) في الأرشاق الباقية ما أحطه عن العشر التي خلصت لك، وهذا لا يمكن تصويره في المبادرة؛ فإن الشرط وقع فيها على الاستحقاق بالمبادرة، فمن ابتدر وفاز، فما يقع بعد ابتداره لا يناقض ابتداره السابق.
التفريع:
١١٦٧٦ - إن قلنا: لا يستحق المال ما لم تكمل الأرشاق، فلا كلام، وإن قلنا: يستحق المال، حتى لو فرض استكمال الأرشاق، فلا حطَّ بعد الخلوص، فيتصل تفريع المحاطة من هذا المنتهى بتفريع المبادرة، فقد وقع القضاء باستحقاقه على وجهٍ لا يُنقض، ولكن هل لصاحبه أن يكلفه إتمام العمل، واستكمال الأرشاق؟ فعلى الوجهين المذكورين في المبادرة.
ومما يجب الاعتناء به أن أحدهما في المبادرة لو رمى خمسين، وأصاب العشرة المشروطة، وصاحبه رمى تسعة وأربعين فأصاب تسعة، فلا بُد من ردّ السهم إليه، فلعله يصيب، وليس من المبادرة أن يتقدم أحدهما بقرعة إذا كان صاحبه غير مساوٍ له في أعداد الأرشاق، وهذا واضح لا خفاء به.
ولو أصاب أحدهما من الخمسين عشراً، وأصاب الثاني من تسع وأربعين ثماني قرعات، فقد فاز من أصاب العشر؛ فإن أكثر ما في الباب أن يرد السهم إليه، فيرمي ويصيب، ولو أصاب، فهو على تسعٍ، وصاحبه فائز بالعشر، وهذا متضح. وإذا لم تكن أرشاق معلومة، أو كانت، وقلنا: لا يجب استكمال الأرشاق، فللفائز ألا يرد السهم إلى صاحبه؛ فإنه يقول: قد استحققت المال، وليس عليَّ بعد استحقاق المال عمل، ولو كانت المعاملة محاطّة، فخلص لأحدهما من الخمسين عشر قرعات وهي المشروطة، وقد رمى صاحبه تسعاً وأربعين ولم يصب فيها، فله أن يقول: ردوا علي السهم، فلعلي أصيب، فلا بد من رد السهم إليه؛ فإنه قد يصيب، فيحط عن عشر صاحبه، ويبطل خلوصها له، فهذا ما أردنا تأصيله في النضال.