للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وما قدمناه للأصحاب لا أراه شافياً.

فإن طلب طالب منا أن [نَحُدَّ] (١) ما يقع من الالتفات مظنوناً، وما يقع مقطوعاً به، دلّ بطلبه على غباوته وعدمِ درايته بمأخذ الكلام، فليس ذلك أمراً يتصوّر أن يصاغ عنه عبارة حادّة ضابطة، وكيف يفرض ذلك؟ والأمر يختلف ويتفاوت بتفاوت المسافات، والقرب والبعد؟ فالأمر محال على معرفة البصير بأدلة القبلة، وقد تناهى وضوح ذلك إن شاء الله تعالى.

فهذه أصول الاجتهاد والتقليد في القبلة.

وأنا أرسم بعدها فروعاً توضح بقايا في نفوس الغوّاصين - إن شاء الله تعالى.

فرع:

٧٦١ - إذا اجتهد الرجل وصلى صلاة إلى جهة، فلمّا دخل وقت الصلاة الثانية، تغير اجتهاده من غير قطعٍ بإصابة وخطأ، فلا شك أنه يصلي الصلاة الثانية إلى الجهة التي اقتضاها اجتهاده الثاني، وكذلك لو تغير اجتهاده ثالثاً في صلاة أخرى حتى صلى صلواتٍ باجتهادات إلى جهات، فالذي قطع به الأئمة، ودلّ عليه النص، أنه لا يجب قضاء شيءٍ من تلك الصلوات؛ فإن كل صلاة منها مستندة إلى اجتهاد، ولم يتحقق الخطأ في واحدة منها.

٧٦٢ - وذكر صاحب التقريب وجهاً مخرجاً: أنه يجب قضاء هذه الصلوات كلِّها، ولا يخرج هذا الوجه إلا على قولنا: إن من اجتهد وأخطأ يقينا يلزمه القضاء، وهذا وإن كان ينقدح ويتّجه، فهو بعيد في الحكاية، وتوجيهه -على بعده- أنه صلى معظم هذه الصلوات إلى غير القبلة، ونحن نفرِّع على أن من استيقن الخطأ في صلاة معينة، يلزمه قضاؤها، والخطأ هاهنا مستيقن، وإن لم يكن معيناً، فينزل صاحب الواقعة منزلةَ من فسدت عليه صلاة من الصلوات الخمس، وأشكل عليه عينها، فإنه يلزمه قضاء الصلوات كلّها، ولا فرق بين الصورة التي ذكرناها في الاجتهادات، وبين ما استشهدنا به إلاّ أن الصلوات هاهنا استندت إلى اجتهادات، ونحن نفرعّ على أن من


(١) في جميع النسخ: يجد. وهو تصحيف واضح، والمثبت تقدير منا برعاية السياق وتوفيق الله.
ثم جاءت (ل) بنفس التصحيف: (نجد).