للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اجتهد، وتعيّن له الخطأ يلزمه القضاء. فهذا وجه.

وفي كلام صاحب التقريب وجه (١) آخر تلقيته من أدراج كلامه وأنا أذكره في صورة، ثم أبني عليها ما ينبغي.

فأقول: إذا صلى صلاتين بالاجتهاد إلى جهتين، فالنص أنهما صحيحتان، لا يجب قضاء واحدة منهما، وإن أوجبنا القضاء على المجتهد إذا تعين له الخطأ في الصلاة. والتخريج الذي حكاه صاحب التقريب -أنه يجب قضاء الصلاتين جميعاًً، وذكر وجهاً ثالثاً- أنه يقضي الصلاة الأولى، ولا يقضي ما أقامه باجتهاده الأخير، وهذا بعيد، وهو في الحقيقة نقض الاجتهاد الأول باجتهاده الثاني.

فعلى هذا لو صلى أربع صلوات بأربع اجتهادات إلى أربع جهات، فالنص أنه لا يجب قضاء واحدة منها، والتخريج الظاهر أنه يقضي جميعها، والوجه الغريب أنه يقضي ما سوى الصلاة الأخيرة.

والأصح النص وما عليه الجمهور، ثم يليه التخريج على بُعده، والثالث ضعيف جداً.

فرع:

٧٦٣ - إذا اجتهد، فصلى صلاة الظهر إلى جهة، ثم دخل وقت صلاة العصر، فهل يستمر على اجتهاده الأول؟ أم يلزمه أن يجتهد للصلاة الثانية مرّة أخرى؟ فعلى وجهين: ذكرهما العراقيون، أحدهما - أنه لا يلزمه أن يجتهد للصلاة الثانية مرّة أخرى؛ فإنه لم يتبذل المكان. والثاني - يلزمه؛ لأن الصلاة الثانية واقعة جديدة تستدعي اجتهاداً مبتدأ، وقد ذكرت نظيراً لذلك في طلب الماء في التيمم.

وهذا له التفات على مسألة من أحكام الفتاوى، وهي أن المفتي إذا استُفتي، فاجتهد وأجاب، ثم استُفْتي مرة أخرى في تلك الواقعة فهل يستمر على نظره الأول؟ أم يجتهد مرة أخرى؟ فيه كلام مستقصىً في الأصول.


(١) في الأصل، وفي (ت ١)، وفي (ط). (وجهاً) ولا أدري كيف اتفقت النسخ الثلاث على هذا (الضبط) فلعل الكلام كان مصوغاً بعبارة أخرى. وانفردت نسخة (ت ٢) بما أثبتناه.