للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فرع:

٧٦٤ - إذا قلّد الإنسان مجتهداً، وتحرم بالصلاة، فمرَّ به مار، وقال: "قد أخطأ بك فلان، والقبلة في هذه الجهة" وعيّن جهة أخرى، فإن علم المقلِّدُ المتحرِّمُ أن الأول كان أعلم من الثاني، فلا يبالي بقول الثاني، وكذلك إذا رآه مثلَ الأول، وإن رآه أعلمَ، من الأول، فيترجح ظنُّه بهذا، فيتنزّل منزلة ما لو اجتهد الرجل بنفسه وتحرّم، ثم تغيّر اجتهاده في أثناء الصلاة وقد مضى ذلك مفصلاً.

وفيما نذكره دقيقة، وهي: أن المسألة مفروضةٌ فيه إذا قال المارُّ ما قال مجتهداً.

٧٦٥ - ولو كان المتحرم بالصلاة أعمى، فأخبره مار به يعرفه الأعمى: إنّك مستقبل الشمس. [وليس يشك الأعمى أن القبلة ليست في صوب مشرق الشمس] (١)، فإذا كان المخبر موثوقاً به عند الأعمى، فلا شك أنه يعتمد قوله؛ فإنه في هذه الصورة يُخبر عن أمرٍ محسوس، لا تعلق له بالاجتهاد أصلاً.

ولو أخبره مجتهد بأنك على الخطأ قطعاً، فالذي ذكره الأئمة أنه يأخذ بقوله؛ فإن الأول قال ما قال اجتهاداً، وذكر أنه ظان، فنزل قطْع الثاني منزلة إخباره عن محسوس.

ولو كان قطع الأول بأن الصواب ما ذكره، ثم قطَعَ الثاني، ولم يكن أعلم من الأول، [فلا يبالي بقول الثاني حينئذٍ، وإنّما قدّم قول الثاني هناك؛ لأنّه وإن لم يكن أعلم من الأوّل] (٢)، فقطْعه أرجح من ظنّ الأول، وهذا بيّن لا شكَّ فيه.

٧٦٦ - ولو تحرّم المجتهد البصير باجتهاده بالصلاة، ثم عمي في الصلاة، فأخبره مجتهد أنه مخطىء فلا يبالي به، وإن عَلِمَه أعلمَ من نفسه؛ فإنه عقد صلاته باجتهاد، والمجتهد يعمل باجتهاد نفسه، وإن خالفه من هو أعلم منه.

ولو كان أعمى، فقلّد وتحرّم، ثم أبصر في أثناء صلاته، [وكان عالماً قبل أن عمي، فلا يستمر على تقليده، فإن احتاج إلى الاجتهاد في أثناء الصلاة، فهذا يلحق


(١) ساقط من الأصل، ومن (ط).
(٢) زيادة من: (ت ١)، حيث سقط من الأصل، ومن (ت ٢)، ومن (ط).