للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

١١٧٢٠ - ونحن نبتدىء بعد هذا ببيان المسائل الزائدة على ذكرنا، ونبدأ بتفصيل القول في الصِّلات التي يقع الإقسام بها، فنقول أولاً: الأصل في صلة القسم الباء، والجالب لها لفظ يصدر (١) من الحلف أو الإقسام أو الإيلاء، ثم الواو تخلف الباء وتبدلها، فيقول المقسم: واللهِ، والبدل لا بد وأن يقصُر عن المبدل قصوراً لا يظهر في مجاري الكلام، وقصور الواو أنه لا تتصل في القسم بالضمير بخلاف الباء، فإنك تقول به لأفعلن، ولا تقول: وه لأفعلن.

ثم أقاموا التاء مقام الواو، لأصلٍ قريبٍ من الاطراد عندهم في إقامة التاء مقام الواو؛ فإنهم قالوا: تخمة، وتراث، وتهمة، من الوخامة، ومن قولهم: ورث، والتهمة من الوهم، فلما وقعت التاء بدل البدل، ظهر قصورها، فلا تُلفَى متصلةً بغير قولهم " الله " فيقولون: تالله، قال الله تعالى مخبراً عن إبراهيم عليه السلام: {وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ} [الأنبياء: ٥٧]، فإذا قال القائل: تالله، فالذي نص عليه هاهنا أنه بمثابة قوله بالله ووالله، وهذا ما نص عليه في الإيلاء أيضاً. ونص في القسامة على أنه ليس بيمين.

فمن أصحابنا من جعل في المسألة قولين: أصحهما - أن التاء كالباء، والواو، والثاني - أنها ليست صريحاً؛ لأن العادة لم تجر باستعمالها، وقال المحققون: نقطع القول بأن قوله تالله كقوله بالله، فإن الضِّلتين في هذا الاسم مستويتان باتفاق مذاهب العرب، وما ذكره في القسامة محمول على تصحيف القراء والناسخين، وفي كلام الشافعي ثَمَّ ما يدل على هذا؛ فقد (٢) قال الشافعي رضي الله عنه: " يا الله " لا يكون يميناً، ثم قال في سياق الكلام: وليس بيمين بل هو دعاء، وأراد بالدعاء النداء، ولا يتجه إلا ما ذكرناه (٣)، فإن جرينا على قطع القول -وهو الأصح- فلو قال القاضي


(١) يصدر: أي يشتق. وفي (هـ ٤): لفظُ مصدرٍ.
(٢) هـ ٤: " قيل ".
(٣) زاد الغزالي في تعليل الخطأ في نقل كلام الشافعي، فقال: " أو أراد ما إذا قال القاضي: قل: " بالله " فقال: "تالله" لا يكون يميناً، ويجري ذلك في كل صيغة ". (ر. البسيط: جزء٦ - ورقة: ٤٠ شمال).