لمن يستحلفه: قل بالله، فخالفه وقال: تالله، قال الأصحاب: لا يحسب ما جاء به، واليمين معروضة عليه بعدُ، وليس هذا من جهة أن التاء في هذا الاسم لا تقوم مقام الباء، ولكن السبب فيه أنه خالف القاضي، وحق المستحلَف أن يحلف على موافقة الاستحلاف.
ولو قال القاضي: قل بالله، فقال: بالرحمن، لم يكن حالفاً حلفاً محسوباً، لما ذكرناه. ولو قال: قل بالله، فقال: والله، فهذا لم أجد له ذكراً، وفيه تردد؛ من جهة أن الواو والباء لا يكادان يتفاوتان في مجاري الكلام. وهما متساويتان في الظهور.
ولا يمتنع ألا يُجعل حالفاً؛ من جهة المخالفة، كما لو استعمل التاء، والعلم عند الله تعالى.
ولو قال: قل بالله العلي الذي لا إله إلا هو، فقال المستحلف: بالله واقتصر، فهل يكون ناكلاً عن اليمين؟ فيه خلاف سيأتي في موضعه، إن شاء الله تعالى، وسبب الخلاف أنه وافق في الحلف بالله، وامتنع عما بعده مما يُعدّ تغليطاً في اللفظ.
وإن قلنا: تالله بالتاء ليست بمثابة قول القائل بالله بالباء، فالمراد أن هذا يلتحق بالقسم الثالث، وهو إذا قال: أقسمت، أو أقسم بالله، وهذا ضعيف لا وجه له، وما تكلفه بعض الأصحاب من ندور هذه الصلة في الاستعمال، فهو غاية الإمكان.
١١٧٢١ - ولو قال: الله لأفعلن، فهذا يُذكر على وجوه: منها أن يقول: اللهُ بالرفع، فيقع الاسم المعظم مبدوءاً به، وليس معه صلةُ قسم، والجواب أنه لا يكون حالفاًَ إلا أن ينوي الحلف، ولو أطلق لا تكون يميناً.
ولو قال: اللهِ، بخفض الهاء، فلو نوى اليمين، كان يميناً، ولو أطلق، فوجهان، وظاهر النصّ يشير إلى فرض المسألة في الرفع، ولذلك قال: لا يكون يميناً إلا أن ينويها، ثم قال: لأنه كلام مبتدأ، وهذا إنما يتجه في الرفع، فإذا خفض، أشعر بالصلة الخافضة وإن لم يأت بها، وقد تفعل العرب ذلك، ولسنا نطوّل بذكر الشواهد فيها.