زيد، لا يحنث، قال المزني: عَطْفُ هذه المسألة على المسألة المتقدمة غيرُ صحيح؛ فإن المسألة المتقدمة على هذه مفروضة في موت صاحب الحق قبل مجيء الغد، وقد قال: لأقضينّك حقّك غداً، فإذا مات قبل مجيء الغد، تعذّر الوفاء بالبرّ، وإذا قال: إلاّ أن يشاء زيد، فمات، فإنما يتعذر بموته المشيئة، فإذا تعذّر الاستثناء، اتجه البرّ والحنث، فالوجه أن نقول: إذا مات زيد، فقد زال بموته الاستثناء، فإن قَضى حقه غداً، بز، وإن لم يقض حَنِث.
قلنا: هذا الذي ذكره المزني صحيح، لا يجوز غيره، ولكن لم نر هذا العطفَ في شيء من كتب الشافعي، والخلل في النقل، ووضع المسائل، وقيل: قال الشافعي: إذا مات زيد وصاحب الحق قبل مجيء الغد، فلا حنث، فحذف المزني ذكر صاحب الحق.
فصل
قال:" ولو حلف ليقضينّه عند رأس الهلال ... إلى آخره "(١).
١١٧٨٧ - قال الأصحاب: إذا قال: لأقضينّك حقّك عند رأس الهلال، فشرْطُ برّه أن يقضيه مع الاستهلال، فلو قدم، كان ساعياً في منع البرّ، فإن البرّ منوط بإيقاع القضاء مع الاستهلال، فإذا قدم، فقد فات البرّ، وإن أخر على اختياره، تحقق الحنث، فليقع مع أول جزء من الهلال، وهذه المسألة فيها انتشار من قِبل أن إيقاع القضاء مقترناً بأول جزء من الوقت الذي ذكره عسير، ومراعاة ذلك لا تفي بها القوة البشرية، فما الوجه والأمر كما ذكرناه؟ وعُسْر ضم النية إلى أول النهار تضمّن جَعْلَ جملة الليل وقتاً للنية، ولم يُكلّف الخلقُ إيقاعَ النية في وقت يعسر عليهم إيقاعها فيه، وقيل: لا يتأتى تمام الصوم إلا بأخذ طرف من الليل، كما لا يتأتى استيعاب الوجه إلا بأخذ أجزاء من الرأس.
وهذا الذي تخطاه الأصحاب من أعسر مواقع الكلام، وأنا أقول فيه: عماد اليمين تنزيلها على العُرف، وإذا قال: لأقضين عند رأس الهلال، فالمعنيُّ به بذل المجهود